تعديل قانون المطبوعات خطوة إيجابية هل تكفي؟

تعديل قانون المطبوعات خطوة إيجابية هل تكفي؟

بعد انتظار، صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على نص قانون المطبوعات المؤقت رقم 5 لسنة 2010، الذي ينص على "عدم جواز التوقيف في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها".

وبلا شك، فإن هذا التعديل خطوة إيجابية للأمام ويصب في مصلحة الإعلاميين ويعتبر مؤشراً إيجابياً على حسن نوايا الحكومة، ونأمل أن يوقف المسلسل الدرامي لتوقيف الصحافيين، بخاصة في القضايا المحالة لمحكمة أمن الدولة، ما أساء لسمعة الأردن.

إن المبادرة إلى تعديل التشريعات التي تضع قيوداً على حرية الإعلام مسألة مهمة جداً لدفع المشهد الإعلامي الأردني إلى الأمام، بعد أن تأكد بالممارسة الطويلة أن القوانين من أبرز العوائق لتطوير الحريات الإعلامية، وما نريده من حكومة السيد سمير الرفاعي أن تتبع هذه الخطوة بخطوات تدعو إلى مراجعة وتعديل التشريعات كافة التي تضع قيوداً؛ التزاما بخطاب التكليف الملكي لحكومته، وانسجاماً مع المعايير الدولية لحرية الإعلام.

مشكلة التشريعات الإعلامية في الأردن أنها تنطلق من فلسفة المنع والعقاب وليس الإباحة، وتصاغ بشكل يضمن للسلطة التنفيذية استخدامها حين تريد ضرب الحريات والتضييق عليها.

ولن نستبق الأيام في إصدار أحكام بحق هذا القانون المعدل للمطبوعات، بل علينا الانتظار لنشهد التطبيقات القانونية والقضائية بعد نفاذه، وتأثيره على حرية الإعلام.

لكن من الضروري إثارة بعض الأسئلة والآراء القانونية التي اعتبرت أن تعديل قانون المطبوعات والنشر بهذه الصيغة لا يكفي لنزع اختصاص محكمة أمن الدولة.

الحكومة تعتقد، وعلى لسان معالي الصديق هشام التل رئيس ديوان التشريع، بأن هذا التعديل ضامن لعدم تكرار إحالة قضايا الإعلام إلى محكمة أمن الدولة، وفي المقابل فإن هناك قانونيين يشككون في ذلك، ويؤكدون أن التعديل غير كاف، وأن قانون محكمة أمن الدولة خاص، ولم تعدل المواد التي تنص على اختصاصه في النظر بالجرائم التي ترتكب على أمن الدولة الداخلي والخارجي بواسطة وسائل الإعلام، وهذا يبقي الاختصاص منعقدا لمحكمة أمن الدولة، إضافة إلى أن التعديل يخلق تنازعاً في الاختصاص بين القوانين.

وعلى ضوء هذا الجدل القانوني، فإنني أدعو الحكومة لحسم هذا الحوار بإجراء تعديل بسيط على قانون محكمة أمن الدولة يقطع الشك باليقين.

الملاحظة القانونية الثانية التي تستحق التوقف عندها أن هناك من يخشى أن يكون المستفيد من هذا التعديل حصراً وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية المرخص بها، وأن هذا النص قد يفسر بأنه لا ينطبق على المواقع الإعلامية الإلكترونية باعتبارها لا تخضع للترخيص.

حقيقة لم أفهم الإصرار القانوني على إضافة فقرة "المرخص بها" إلى القانون المعدل، فما تحدثه هو مزيد من الإرباك والالتباس، إلا إذا كان "لا سمح الله" القصد والهدف هو تضييق الخناق على الإعلام الإلكتروني.

فرحون بهذا التعديل فهو بصيص أمل في مسيرة طويلة لدعم حرية الإعلام، والبدء بتعديل التشريعات يستوجب خطوات استراتيجية موازية للنهوض والاحتراف المهني والدفاع عن استقلالية الإعلام.

 

 

أضف تعليقك