حين حضرتُ إطلاق ميثاق من أجل البحر الأبيض المتوسط بدعوة من الاتحاد الأوروبي، شعرتُ بأن ما يجري ليس مجرد حدث دبلوماسي، بل رؤية حقيقية لمستقبل يحتاج إلى مشاركة كل دولة فالتحديات كبيرة..بطالة.هجرة ..تغير مناخي.
نحن في الأردن نعاني من هذه التحديات أبرزها البطالة التي ترتفع في صفوف الشباب وخصوصا من حملة الجامعات ( 25% و30%.)
يعاني الأردن من آثار متصاعدة للتغير المناخي، من تراجع هطول الأمطار إلى ارتفاع درجات الحرارة، ومن تدهور الأراضي الزراعية إلى ضغوط على الموارد المائية. هذه التحديات تتقاطع مع بطالة الشباب، الذين يبحثون عن فرص عمل، ومع موجات الهجرة التي تضيف أعباء على المدن والخدمات، مما يجعل أي حلول سطحية غير كافية.
في هذا السياق يأتي دور الإعلام، ليس مجرد ناقل أخبار، بل أداة لتشكيل الوعي، وصانع للفرص، ومرشد للمجتمع. عندما ينقل الإعلام قصص المبكر عن المخاطر المناخية في الأردن، أو عن المشاريع التي تواجه هذه التحديات، يصبح صوتاً يحذّر ويثقف ويحفّز على اتخاذ خطوات فعلية.
وعندما يُبرز الإعلام قصص مشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطات الطاقة الشمسية والرياح، أو الوظائف الجديدة المرتبطة بها، يتحول إلى منصة تُظهر أن التغير يمكن أن يكون فرصة، وأن الشباب لديهم القدرة على البقاء في بلدهم والمساهمة في تطويره بدل الهجرة بحثاً عن مستقبل غير مضمون.
الميثاق، من جانبه، يربط الأردن بمستقبل أوسع، حيث ما يحدث في شمال إفريقيا أو أوروبا له انعكاسات مباشرة على حياتنا هنا، كلنا مرتبطين بتقلبات المناخ.
الإعلام قادر على ربط هذه النقاط، وشرح كيف أن التعاون الإقليمي في مجالات التعليم والطاقة والاقتصاد الأزرق يمكن أن يخفف من الضغوط على الأردن، ويخلق اقتصاداً مستداماً يعود بالنفع على المجتمع المحلي، ويمنح الشباب شعوراً بالتمكين والمسؤولية. ليس فقط من خلال عرض المبادرات والسياسات، بل عبر سرد قصص حقيقية عن التغيير الذي يحدث بالفعل، وعن الحلول التي يمكن أن تُطبق اليوم لتأمين مستقبل أفضل.
ما يميز الأردن هو قدرته على التكيف، وموارده البشرية الطموحة، ومرونته في مواجهة الأزمات، لكن النجاح لن يكون ممكنًا دون إعلام قادر على تحويل المعرفة إلى فعل، والخطر إلى فرصة، والتحديات البيئية والاجتماعية إلى مشاريع ملموسة.
الإعلام هنا هو جسر يربط بين السياسات والاستراتيجيات والمواطنين، ويحوّل الميثاق من نص على الورق إلى رؤية محسوسة، يعيشها الناس في حياتهم اليومية، ويستشعرون تأثيرها في فرص عملهم، ومياههم، وزراعاتهم، ومستقبل أطفالهم.
عندما ينقل الإعلام هذه القصص بجرأة ووضوح، يصبح الميثاق أداة للتغيير، والمواطن جزءاً من الحل، والشباب قادرين على تصور مستقبلهم في وطنهم.
في هذا الإطار، نفكر في شبكة الإعلام المجتمعي /راديو البلد لإطلاق برنامج إعلامي بعنوان "شباب من أجل المتوسّط ، يهدف إلى تمكين الشباب إعلاميًا وربطهم بالواقع الإقليمي من خلال إبراز قصص النجاح، وتسلط الضوء على الابتكار، الطاقة المتجددة، والمبادرات الشبابية.
الأردن، بتحدياته الفريدة وموقعه الاستراتيجي، يمكن أن يكون نموذجاً حيّاً للكيفية التي يمكن بها للإعلام أن يخلق وعيًا جماعيًا، ويحوّل الرؤية إلى واقع ملموس ومستدام، يربط بين حماية الموارد، وخلق الفرص الاقتصادية، وتأمين الاستقرار الاجتماعي. وفي النهاية، الإعلام ليس مجرد مرافق للحدث، بل هو العامل الذي يحوّل الطموح إلى فعل، والتحديات إلى مشاريع، والرؤية إلى مستقبل يعيشه الناس ويؤمنون به.












































