مع حلول فصل الشتاء كل عام، تتجدد معاناة الأسر في التوفيق بين احتياجات التدفئة وتراجع القدرة الشرائية، في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا ومحليا، وتزايد الضغوط على الموازنات المنزلية.
وتشير نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة إلى أن الغاز لا يزال يحتل المرتبة الأولى كوسيلة التدفئة الأساسية بنسبة 47.6%، يليه الكاز بنسبة 32%، ثم الحطب والفحم والجفت بنسبة 7.5%، بينما بلغت نسبة الاعتماد على الكهرباء 6% فقط، والتدفئة المركزية 3.7%.
وبحسب تقرير المسح السكاني والصحي لعام 2023، فإن نحو 78% من الأسر الأردنية تستخدم وقودا نظيفا للتدفئة وفي مقدمته الغاز المنزلي والكاز فيما يعكس محدودية استخدام التدفئة الكهربائية أو المركزية، خاصة في الأسر ذات الدخل المحدود.
وفي استطلاع "لـ عمان نت"، أجمع مواطنون على أن التدفئة بالغاز المنزلي تبقى الخيار الأكثر أمنا ورخصا، خصوصا مع استمرار الحكومة بتثبيت سعر أسطوانة الغاز عند 7 دنانير.
في المقابل، لا تزال بعض الأسر تعاني من تبعات تراجع الدخل الحقيقي وارتفاع الأسعار، وهو ما يؤكده الخبير الاقتصادي حسام عايش، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية المتكرر بات يفرض إعادة ترتيب أولويات الإنفاق خلال الشتاء، على حساب الاحتياجات الأساسية للأسر.
ويشير عايش إلى أن خلال فصل الشتاء تزداد تكاليف بعض الأسر، نظرا لإنفاقها على وسائل التدفئة مما يؤثر على على قيمة مصاريفهم على المواد الأساسية.
وبحسب الإحصاءات ذاتها، فإن 40.5% من إنفاق الأسر الأردنية يذهب للسكن والمياه والكهرباء والغاز والنقل، ما يحد من قدرتها على الاستجابة لارتفاع تكاليف التدفئة.
تعديل أسعار المشتقات النفطية
وكانت قد أعلنت لجنة تسعير المشتقات النفطية مؤخرا عن الأسعار الجديدة، حيث أصبح سعر بنزين 90، 850 فلسا لتر، وبنزين 95 1080 فلسا لتر، والسولار 705 فلسا لتر، مع ثبات مادة الكاز 620 فلسا لتر وأسطوانة الغاز 7 دنانير.
ويؤكد الخبير في شؤون الطاقة هاشم عقل أن ارتفاع أسعار السولار يعود إلى معادلة تسعيرية مرتبطة بالأسعار العالمية، وتأثر الأسواق بالعقوبات المفروضة على روسيا، وتراجع الإنتاج بسبب الهجمات على المصافي، إضافة إلى الصيانة الموسمية العالمية للمصافي نهاية كل عام.
كما يشير عقل إلى أن انسحاب بعض الشركات العالمية من سوق النفط التقليدي وتركيزها على مشاريع الطاقة المتجددة أضعف استثماراتها في قطاع المحروقات، مما ينعكس على تقلبات الأسعار عالميا.
يتوقع عقل أن الأسواق النفطية في 2025 لن تشهد ارتفاعات حادة كما حدث في الأعوام الماضية، مرجحا استقرار الأسعار في نطاق 55 إلى 65 دولارا للبرميل، مع زيادة إنتاج دول مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا والأرجنتين خارج إطار أوبك.
تثبيت الكاز والغاز
رغم تثبيت سعر الكاز والغاز، إلا أن خبراء الطاقة يرون أن الحاجة باتت ملحة إلى مراجعة منظومة الدعم بحيث توجه بشكل مباشر للأسر الفقيرة، بدلا من دعم المواد بشكل شامل.
يرى عقل أن قرار الحكومة تثبيت سعر الكاز وأسطوانة الغاز يشكل آلية حماية ضرورية، خصوصا مع اعتماد ما يقارب 84% من الأسر على الغاز والكاز شتاء، مؤكدا أن الحكومة تتحمل جزءا من الكلفة الفعلية لدعم أسطوانة الغاز بما يصل إلى دينارين ونصف أحيانا.
يشير إلى أن تخفيف فاتورة التدفئة يتطلب حلولا غير تقليدية، من أبرزها التوسع في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، تحسين عزل المنازل، التحول إلى وسائل تدفئة عالية الكفاءة، استخدام النقل المشترك لتقليل استهلاك الوقود، كما يدعو المختصون إلى إطلاق برامج حكومية لمساعدة الأسر الفقيرة على تبني مصادر طاقة أقل كلفة وأكثر أمانا.
ومن جانبه يعتبر الخبير الاقتصادي عايش أن قضية اقتصاديات الشتاء يفترض أن تكون ضمن اهتمامات الجهات الحكومية، من خلال تخفيض أسعار الضرائب على المحروقات، وتعريف المواطنين بوسائل التدفئة الأقل تكلفة لتعرف دون تحميلهم أعباء مالية اضافية.
ومن الحلول البديلة عن وسائل التدفئة التقليدية هو ادخال انظمة الطاقة المتجددة التي تساهم بتخفيض التكاليف الاجمالية لدى الأسر بحسب عايش.
هذا ومع انخفاض درجات الحرارة، تدعو مديرية الأمن العام المواطنين إلى تفقد وسائل التدفئة والتأكد من سلامتها قبل التشغيل، محذرة من مخاطر الاستخدام الخاطئ، خاصة في الأماكن المغلقة، لتجنب حالات الاختناق والحرائق.












































