في خطوة تعكس التحول نحو التعليم الرقمي والتقني، تضمن بلاغ رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان رقم (14) لسنة 2025 الخاص بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع نظام تشكيلات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية للسنة المالية 2026، توجيهات واضحة لإيلاء التعليم بمختلف مراحله مزيدا من الاهتمام، بما يواكب متطلبات رؤية التحديث الاقتصادي والقطاع العام خلال الأربع سنوات المقبلة.
مجلس الوزراء يقر زيادة مخصصات وزارة التربية والتعليم بنحو 7 ملايين دينار أردني ضمن موازنة عام 2026، توجه لتطوير بيئة المدارس، وتوسيع رياض الأطفال، وإنشاء مركز وطني للابتكار، في وقت بلغت فيه نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم نحو 3.51 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023.
ورغم هذه الزيادة، يرى الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة أن حجم الإنفاق ما يزال أقل من الطموح، مؤكدا أن التحول نحو التعليم الحديث لا يمكن أن يتحقق دون استثمار فعلي في البنية التحتية الرقمية، وتحسين الصيانة، وتقليل الاكتظاظ في المدارس، وربط التعليم التقني بسوق العمل من خلال شراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
ويشير النوايسة في حديثه لـ عمان نت إلى أن نحو 86 % من الموازنات السابقة كانت تنفق على النفقات الجارية من رواتب وأجور، مقابل 20 % فقط للمشاريع التطويرية، معتبرا أن موازنة 2026 تمثل تحولا نسبيا في نهج الإنفاق، ولو بخطوة بسيطة، باتجاه دعم التحديث وتطوير التعليم.
ويضيف أن هذا التحول يعكس اهتمام الحكومة بقطاع التعليم، خصوصا مع الزيارات الميدانية لرئيس الوزراء واهتمام الملك بتطوير البيئة التعليمية، و أن النتائج الأولية لمشاريع التحديث تشير إلى تحول إيجابي في الثقافة التعليمية، مع بدء مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، خصوصا في مجالات الصناعة الرقمية، التسويق الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي، مما يسهم في معالجة البطالة الهيكلية ويفتح آفاقا جديدة للوظائف المستقبلية.
خارطة طريق لتحديث التعليم بالشراكة مع اليونسكو
من جانبها، تؤكد وزارة التربية والتعليم أن موازنة عام 2026 تمثل جزءا من خارطة طريق شاملة لتحديث التعليم، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، عبر إطلاق الخطة الاستراتيجية 2026–2030 التي تركز على التعليم الرقمي وتنمية المهارات المستقبلية.
وتوضح الوزارة أنها أطلقت منهاج المهارات الرقمية للصفوف من الأول إلى الثاني عشر، الذي يهدف إلى تمكين الطالب من أن يكون صانعا للمعلومة وليس متلقيا لها، متضمنا مفاهيم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات.
كما تشير الوزارة إلى أن الجهود تتجه نحو تحسين البنية التحتية الرقمية للمدارس، وتوفير تدريب متخصص للمعلمين ضمن برامج “إجازة مهنة التعليم” والدبلوم قبل الخدمة، مؤكدة أن أكثر من 3,000 معلم يخضعون حاليًا لتأهيل مهني وأكاديمي على نفقة الحكومة بالشراكة مع الجامعات الأردنية.
النوايسة يؤكد أن تحديث التعليم لا يقتصر على المناهج، بل يتطلب بيئات تعلم جديدة تشمل الفصول الإلكترونية والمختبرات الرقمية والمشاغل الفنية، لافتا إلى أن المدارس لا تزال تواجه تحديات في الصيانة والاكتظاظ ونقص التجهيزات.
ويضيف أن معالجة هذه الفجوات تبدأ من زيادة الإنفاق الرأسمالي وتوسعة المشاغل والمدارس المهنية، وتطوير برامج تدريب المعلمين وربط المناهج بحاجات سوق العمل، مشددا على أن التعليم التقني والتطبيقي لن يحقق أهدافه دون مشاركة فاعلة من القطاع الخاص.
وحول التوسع في مرحلة رياض الأطفال، يرى النوايسة أن هذه الخطوة تشكل نقطة تحول أساسية في تطوير التعليم، داعيا إلى تحقيق تكامل بين تطوير البيئة المدرسية والتعليم الرقمي والمحتوى التفاعلي لضمان نتائج ملموسة.
فجوة الإنفاق بين الأردن والدول المتقدمة
يشير النوايسة إلى أن الأردن ينفق حاليا نحو 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم، مقارنة بدول مثل فنلندا والدول الإسكندنافية التي تنفق أكثر من 8%، مما يعكس الحاجة إلى رفع مخصصات التعليم لتحقيق نتائج إيجابية ومستدامة.
في سياق متصل، تكشفت وزارة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال أن تغطية خدمات الجيل الرابع (4G) بلغت نحو 99.5 % عام 2023، فيما وصلت نسبة امتلاك الهواتف الذكية إلى 83.2 %، غير أن استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية لا يتجاوز 25.8 %، ما يشير إلى فجوة بين توفر البنية الرقمية وقدرة المستخدمين على توظيفها بفعالية، وهي فجوة تنعكس أيضًا في قطاع التعليم.












































