الكلاب الضالة في شوارع المملكة تهديد يومي وحلول غائبة

الرابط المختصر

تتكرر بين الحين والآخر شكاوى المواطنين من انتشار الكلاب الضالة في عدد من شوارع المملكة، نظرا لما تثيره من قلق وخوف لدى سكان المناطق التي تنشط فيها هذه الكلاب، حيث يشعر الأهالي أنهم يواجهون خطرا يوميا في وقت يعتبرونه تقصيرا من الجهات المعنية في إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة المستمرة منذ سنوات.

يقول أحد سكان الأحياء المتضررة إن مجموعات من الكلاب الضالة تمر بشكل يومي من الحي وتهاجم المارة، خصوصا في ساعات الفجر، مشيرا إلى أنهم يحاولون التواصل مع الأرقام المخصصة للتبليغ دون جدوى، مما يزيد من شعورهم بالخوف وانعدام الأمان.

ورغم جهود أمانة عمان ووزارة الإدارة المحلية للحد من هذه المشكلة، من خلال إطلاق مبادرات توعوية وبرامج للتعامل مع الكلاب الضالة، إلا أن الظاهرة لا تزال تؤرق الكثيرين. 

 

تسميم الكلاب... حلول فردية قاسية

وفقا لما يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل غياب حلول فعالة، يلجأ بعض السكان إلى وسائل غير قانونية لمواجهتها، مثل تسميم الكلاب أو الاعتداء عليها، ظنا منهم أن ذلك يحميهم ويحمي أسرهم.

من جانبها تقول رئيسة جمعية بيئتي للتنمية المستدامة، منى الصياح، في حديثها لـ عمان نت، إنه رغم انتشار ظاهرة تسميم الكلاب الضالة، إلا أن الجمعية لم تتخذ أي إجراء قانوني ضد أي حالة تسمم حتى الآن.

وتشير الصياح إلى أن أعداد الكلاب الضالة شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال العامين الأخيرين، مرجعة ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها قرار أمانة عمان ووزارة الإدارة المحلية بمنع قنص الكلاب أو تسميمها، إضافة إلى دخول أعداد من الكلاب إلى المملكة من دول مجاورة، مما ساهم في زيادة انتشارها في بعض المناطق.

وتلفت إلى أن هذا التزايد بات يثير حالة من الخوف والذعر بين السكان، إذ لم يعتد الناس على رؤية هذا العدد الكبير من الكلاب في الأحياء، مما يدفع البعض للقلق من إمكانية تعرضهم أو أطفالهم لهجوم مفاجئ، موضحة نحن كجمعية نحاول رفع وعي المواطنين بأن الكلاب جزء من النظام البيئي، ومن الطبيعي أن تتواجد، حيث تتحرك الكلاب ضمن مجموعات قد تضم 20 أو 25 كلبا، وهذا سلوك طبيعي لا يعني بالضرورة أنها تشكل خطرا.

وتؤكد الصياح أن الجمعية تتابع ما ينشر من مقاطع مصورة تظهر حالات هجوم من قبل الكلاب على أشخاص لم يتعرضوا لها، مضيفة إلى أن المشكلة تكمن في غياب إجراءات واضحة من الجهات الرسمية لمعالجة الظاهرة، وبالتالي يشعر المواطن أنه وحيد في مواجهة المشكلة، فيلجأ لحلول خاطئة رغم قسوتها، لحماية نفسه وأسرته.

تشير المادة 452 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 وتعديلاته إلى أن قتل حيوان غير مملوك للفاعل بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين، وتجرم المادة ذاتها من ضرب أو جرح حيوانا بصورة تؤدي إلى منعه عن العمل أو تلحق به ضررا جسيما، بعقوبة الحبس بمدة أقصاها شهر أو بغرامة لا تتجاوز 20 دينارا.

 

حلول الأمانة

تعمل أمانة عمان منذ نحو ثلاث سنوات على تطبيق برنامج "ABC"، الذي يقوم على التقاط الكلاب، ومن ثم تعقيمها، ثم إعادتها إلى أماكنها، وذلك بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية. 

وتقول الصياح إن الهدف من البرنامج ليس القضاء على الكلاب الضالة، بل الحد من تكاثرها وتقليل سلوكياتها العدوانية، خصوصا لدى الإناث بعد التعقيم، إذ تصبح أكثر ألفة واستقرارا في محيطها.

وتضيف الصياح أن نجاح البرنامج في عمان لا يعني انتهاء المشكلة، إذ أن العديد من الكلاب تصل من القرى والمناطق المحيطة بحثا عن الطعام، بسبب قلة توفر مصادر الغذاء، خاصة خلال السنوات الأخيرة، مما يدفعها إلى التجمع حول الحاويات أو في أماكن توفر الطعام، وبالتالي تظهر بشكل ملحوظ داخل الأحياء السكنية.

وكانت أمانة عمان الكبرى قد أعلنت منذ سنوات عن تبنيها برنامج "ABC" (الالتقاط، التعقيم، الإعادة) كحل إنساني وعلمي للحد من انتشار الكلاب الضالة، غير أن الواقع يشير إلى تحديات واضحة في تطبيق البرنامج بشكل شامل وفعال في جميع مناطق المملكة.

من جهتها، تؤكد المهندسة شتورة العدوان، المدير التنفيذي للرقابة الصحية والمهنية في الأمانة، في تصريحات لها أن الكلاب الضالة كانت وما تزال جزءا من البيئة الأردنية، ولها دور في تحقيق التوازن البيئي، لكنها تشير إلى أن التزايد الكبير في أعدادها خلال الفترة الماضية يتطلب التعامل معها بطرق علمية ومدروسة.

وتوضح العدوان أن فرق الأمانة تقوم بجمع الكلاب بوسائل مختلفة وتنقلها إلى مركز رعاية الحيوان التابع للأمانة، حيث يتم تعقيمها لمنع تكاثرها، وتطعيمها ضد داء السعار، ثم إعادتها إلى نفس المناطق التي أُخذت منها، في محاولة للحد من خطرها دون الإضرار بها.

بحسب تقديرات الجمعية فإن نحو 9000 حالة عقر سجلت قبل عامين كلفت المملكة 3 ملايين دينار أردني ، مشيرة إلى  أن تعميم البرنامج على البلديات سيكون أكثر جدوى واستدامة، لأنه يسهم في تقليل أعداد الكلاب دون إلغائها بالكامل، حفاظا على التوازن البيئي، وفي ذات الوقت يخفف العبء المالي عن وزارة الصحة بسبب ارتفاع تكلفة المطاعيم، التي لا تكون متوفرة دائما.

 

دور المواطن 

ويأتي دور السكان في الحد من انتشار الكلاب الضالة لا يقل أهمية عن دور الجهات الرسمية، ويتمثل في التعاون مع البلديات في إدارة النفايات، بحيث لا تترك الحاويات ممتلئة بالنفايات لفترات طويلة يساهم في جذب الكلاب إلى الأحياء السكنية، حيث تتجمع عادة في أماكن توفر الطعام، وبشكل خاص حول الحاويات، بحسب الصياح.

وتقول إن الكلب بطبيعته يعيش مع البشر، وهو كائن أليف ومرتبط بالإنسان منذ القدم، سواء في حراسة البيوت أو الأغنام. وإذا تم التعامل معه بطريقة ودية، فإنه يتجاوب، أما إن شعر بالخطر، فسيدافع عن نفسه كما يفعل البشر.

وتؤكد على أهمية التمييز بين الكلاب المصابة بالسعار  وهي نسبة قليلة وموجودة في أماكن متفرقة، وبين الكلاب الأليفة أو الضالة غير الخطرة المنتشرة في الأحياء السكنية، مشددة على ضرورة تثقيف المجتمع بأساليب التعامل السليم مع هذه الكلاب لتجنب الخوف والتصرفات العدوانية غير المبررة.

هذا وتضع الجمعية ضمن خطتها لعام 2025 برنامجا متكاملا لرفع الوعي المجتمعي حول كيفية التعامل مع الكلاب الضالة، موضحة أن معظم هذه الكلاب ليست خطيرة بطبيعتها، وغالبا ما تكون أليفة ما لم تستفز.