يتصل بي يوميًا عبر برنامجي الإذاعي في راديو البلد 92.5 سائقون كثر، يناشدون إيجاد حلول لتراكم مخالفات السير وعدم القدرة على ترخيص مركباتهم.
هذه ليست مجرد شكاوى فردية، بل هي مرآة لحالة اقتصادية عامة، تجعل من تسديد مبالغ المخالفات دفعة واحدة عبئًا يكاد يكون مستحيلاً على كثير من الأسر، لدرجة أننا نشاهد صورًا متداولة على منصات التواصل الاجتماعي لأرقام مخالفات ضخمة تتجاوز أحيانًا قيمة المركبة نفسها.
إن هذا التراكم لا يؤدي فقط إلى حرمان المواطن من استيفاء إجراء قانوني أساسي كترخيص مركبته، بل يحول هذه الغرامات إلى أرصدة مُعلَّقة لا تدخل خزينة الدولة، وتبقى المركبة خارج المنظومة القانونية الفاعلة.
إن الهدف الأساسي من فرض المخالفات هو الردع وتنظيم السير، وليس معاقبة المواطنين ماليًا إلى حد الإعسار.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة التي يمر بها الأردن، ومع الارتفاع المتزايد في كلف المعيشة والاحتياجات الأساسية، بات لزامًا على الحكومة أن تفكر في حلول تتسم بالمرونة والواقعية.
لقد نجحت الحكومة وشركة الكهرباء في تطبيق نظام تقسيط فواتير الكهرباء المتراكمة، وهو قرار حكيم حقق مصلحة مزدوجة: ساعد المواطنين على التخفيف من ضغط الديون، وفي الوقت ذاته ضمن استمرار تدفق الإيرادات لشركة الكهرباء والخزينة.
إنني أقترح بضرورة أن تنظر الحكومة والجهات التشريعية في إمكانية تطبيق نظام مماثل على المخالفات المرورية، بحيث يتمكن المواطن من دفعها على مراحل ميسرة عند إجراء عملية الترخيص السنوي، مع فتح باب التظلم والنظر في المخالفات بشكل أكثر شفافية وعدالة.
هذا الحل يحقق معادلة "الربح المشترك"
تخفيف العبء عن المواطن: يتيح التقسيط للسائقين المتعثرين استعادة وضعهم القانوني، ويقلل من الضغط المالي عليهم، مما يعزز ثقتهم بالمنظومة الإدارية للدولة.
ايضا هذا يضمن توفير الإيراد للخزينة بدلًا من أن تبقى هذه المبالغ الضخمة "حبرًا على ورق" في سجلات المركبات غير المرخصة، فإن آلية التقسيط تضمن تحصيلها بشكل منتظم ومستمر، مما يشكل رافدًا ماليًا فوريًا ومؤكدًا للخزينة العامة.
إن بقاء آلاف المركبات غير مرخصة بسبب مخالفات متراكمة ليس في مصلحة أحد. هي خسارة مزدوجة: خسارة مالية مباشرة على الخزينة، وخسارة اجتماعية على المواطن الذي يصبح عرضه للمساءلة القانونية أو حتى حجز مركبته، مما يؤثر على قدرته على العمل والحركة.
إننا ندعو الحكومة إلى تحويل هذه الأرقام المتراكمة إلى سيولة مالية بتفعيل نظام التقسيط المرن، وهو إجراء يتسق مع مبادئ العدالة الاجتماعية ويخدم الاقتصاد الوطني.
ودائماً نقول النصيحة الذهبية للسائقين "لا تخاف ما بتتخالف" لكننا كبشر لسنا معصومين عن الخطأ.












































