مسؤول أوروبي لعمان نت: خطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي، مدرسة في الدبلوماسية

الرابط المختصر

أكد مسؤول أوروبي رفيع المستوى لعمان نت على الشراكة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي مع الأردن، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحرب على إيران وتزايد عدم الاستقرار الإقليمي. وأكد المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن أحد العناصر الأساسية لهذه الشراكة هو تحفيز استثمارات القطاع الخاص وتحفيز الزخم الاقتصادي من خلال حزمة دعم بقيمة 3 مليارات يورو.

ورغم المخاوف بشأن صعود اليمين المتطرف في أوروبا، أشار مسؤول الاتحاد الأوروبي إلى أن الدعم للأردن يمتد عبر الطيف السياسي - من أقصى اليسار (بسبب تضامنه مع اللاجئين ودعمه لحل الدولتين) إلى أقصى اليمين (بسبب دور الأردن الجيوسياسي المستقر). وبالتالي، هناك إجماع واسع على دعم المساعدات المقدمة للأردن.

ومن المهم أن المساعدات المالية للاتحاد الأوروبي تخضع للإطار المالي متعدد السنوات (MFF) - وهي دورة ميزانية مدتها سبع سنوات تضمن القدرة على التنبؤ والمرونة بغض النظر عن التحولات السياسية الوطنية.

وصف دبلوماسي الاتحاد الأوروبي الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والأردن، التي أُبرمت مؤخرًا، بأنها أكثر من رمزية، مدعومة بحزمة دعم بقيمة 3 مليارات يورو تهدف إلى الاستفادة من التمويل العام لجذب الاستثمارات الخاصة. ويهدف هذا النهج المختلط إلى إنعاش الاقتصاد الأردني في ظل الاضطرابات الإقليمية المستمرة.

كما سُلِّط الضوء على خطاب الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، والذي وُصِف بأنه "مدرسة في الدبلوماسية". ورغم التصعيد الإقليمي - لا سيما الحرب في غزة والضربات الإسرائيلية على إيران - اعتُبر قرار الملك بالمضي قدمًا في الخطاب خطوةً جريئة. فقد لاقت رسالته، التي شددت على القانون الدولي والتسامح وسيادة القانون، صدىً واسعًا في جميع الأطياف السياسية الأوروبية، حتى في برلمانٍ شديد الاستقطاب.

وقال المسؤول: "لذا أعتقد أن من الجيد للأردن أن يتولى القيادة وأن ينقل هذه الرسالة، وهي رسالة بنّاءة للغاية ولها صدى واسع. كما أنها تُؤكد على ما يجمع العرب والأوروبيين". على سبيل المثال، ثقافة التسامح، وقد أشار إلى نقاط محددة حول التراث المسيحي للأردن، لأنه أيضًا وسيلة للتواصل مع بعض الشخصيات في البرلمان الأوروبي.

كما أشار المسؤول الأوروبي الكبير إلى الالتزام بحل الدولتين، وأعرب عن ذلك. كان الخطاب قويًا دون أي طلبات ملموسة، وعلى هامشه، عُقدت عدة اجتماعات ثنائية لم تركز فقط على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن، بل تناولت أيضًا قضايا أوسع نطاقًا. ووصف المصدر الخطاب بأنه "بيان جيد جدًا وذي مغزى"، وقال إنه من المهم جدًا تعزيز هذه العلاقة حتى يكون الرد المنطقي هو زيارة عودة، حيث من المتوقع أن يزور بعض القادة الأوروبيين الأردن قريبًا.

وأشار المسؤول إلى أن الأردن يحظى بدعم توافقي نادر بين مختلف الأطياف السياسية في أوروبا - يسارًا ويمينًا - نظرًا لدوره في تحقيق الاستقرار وموقفه المبدئي تجاه قضايا مثل فلسطين واستضافة اللاجئين.

وفيما يتعلق باللاجئين السوريين، حذر المصدر في الاتحاد الأوروبي من تدهور الأوضاع وإرهاق المانحين، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي هو المانح الوحيد الذي يحافظ على مستويات المساعدات الحالية، على عكس الولايات المتحدة واليابان اللتين خفضتا مساهماتهما. 

وحول مؤتمر الاستثمار القادم بين الاتحاد الأوروبي والأردن في عمّان، دعا مسؤول الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات استراتيجية ومواءمة أكبر مع مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق، بعد إقراره بالإقبال الأوروبي المخيب للآمال في منتدى الأعمال الأوروبي الأردني الافتتاحي الذي عُقد العام الماضي في عمّان. على الرغم من أن المنتدى العام الماضي استقطب أكثر من 500 مشارك، إلا أن المنتدى لم يشهد حضورًا سوى شركتين أوروبيتين - وهو نقص يُعزى إلى سوء التوقيت في ظل صراع غزة ونقص الحوافز المقنعة. وصرح مسؤول الاتحاد الأوروبي: "لم نتمكن من حشد المستثمرين الأوروبيين. لم يكن هناك إعلان كبير، ولا فرصة سوقية كبيرة".

ونظرًا للمستقبل، اقترح مصدر الاتحاد الأوروبي ربط المنتدى القادم بافتتاح مشروع ناقل المياه الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات. وشدد على أهمية جذب كبار القادة السياسيين في الاتحاد الأوروبي وتقديم "قائمة تسوق" استثمارية واضحة المعالم للقطاعات ذات الإمكانات العالية مثل الهيدروجين الأخضر والبنية التحتية الرقمية والطاقة. لوحظ أن إعادة بناء ثقة المستثمرين في ظل عدم الاستقرار الإقليمي أمر بالغ الأهمية، لا سيما بعد تخفيضات المساعدات الأمريكية التي أثرت بشكل كبير على المجتمع المدني الأردني. وأعرب مسؤول الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء تأثير تخفيضات المساعدات الأمريكية، متعهدًا باستمرار مشاركة الاتحاد الأوروبي، لكنه حذر من أن بروكسل لا تستطيع تعويض تراجع واشنطن بشكل كامل.

وأشار المصدر الدبلوماسي أيضًا إلى التحديات النظامية، بما في ذلك البيئة التنظيمية المشددة للأردن ومحدودية التواصل التجاري في أوروبا. وفيما يتعلق باللاجئين السوريين، حذر المسؤولون في بروكسل من تدهور الأوضاع وإرهاق المانحين. ومع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي المانح الوحيد الذي يحافظ على مستويات المساعدات الحالية.

وبالنسبة للأونروا، أُعرب المسؤول الاوروبي عن مخاوف بشأن قدرة الوكالة على الوفاء بالتزاماتها، مشيرين إلى انخفاض الدعم من العديد من دول الاتحاد الأوروبي، مما يجعلها عرضة للخطر على الرغم من استمرار مساهمات الاتحاد الأوروبي الأساسية.