ما تداعيات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية على أمن الطاقة وحركة التجارة؟

الرابط المختصر

في توقيت بالغ الحساسية، وفي ظل تصعيد عسكري إسرائيلي ضد إيران، تتصاعد المخاوف من تداعيات اقتصادية إقليمية قد تطال جميع الدول المجاورة، وعلى رأسها الأردن، الذي يجد نفسه في قلب أزمة لا ناقة له فيها ولا جمل، سوى كونه جزءًا من بيئة جيوسياسية مشتعلة.

في حلقة جديدة من برنامج "طلّة صبح" عبر راديو البلد، تناولت أبرز المخاطر الاقتصادية المترتبة على التصعيد الإسرائيلي الإيراني، مستضيفًا الخبير في الاقتصاد السياسي زيان زوانة، الذي قدّم قراءة معمّقة لواقع اقتصادي يزداد هشاشة في ظل الحروب.

الأردن بين مطرقة الطاقة وسندان التجارة

يؤكد زوانة أن الأردن "يتأثر بشكل مباشر بحالة عدم الاستقرار في الإقليم"، موضحًا أن الاقتصاد الأردني يعتمد على عوامل خارجية مثل الاستثمارات الأجنبية، والسياحة، والطاقة المستوردة، وهي كلها قطاعات حساسة تتطلب بيئة آمنة ومستقرة، وهي بيئة تتآكل مع كل تصعيد في المنطقة.

أول الضربات جاءت من توقف الاحتلال الإسرائيلي عن استخراج الغاز من حقلين رئيسيين، أحدهما يغذي الأردن. ويعلّق زوانة: "الأردن يتضرر مباشرة من هذا القرار، وهو ما يطرح مجددًا تساؤلات حول مدى صوابية ربط قطاع الطاقة الأردني باتفاقيات مع هذا الكيان".

ويحذّر الخبير من أن اللجوء إلى الوقود الثقيل والديزل كبدائل لتوليد الكهرباء سيكلف الأردن كثيرًا، مضيفًا أن "كلفة إنتاج الطاقة سترتفع، ما يزيد من خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وقد يدفعها إلى مزيد من الديون والتعثرات، مع محدودية قدرة الحكومة على تمرير هذه الكلف إلى المستهلك الأردني الذي يعاني أصلًا من ارتفاع الأسعار".

مضيق هرمز... شريان التجارة المهدّد

أحد أعقد السيناريوهات التي قد تتفاقم، بحسب زوانة، هو احتمال إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعد شريانًا حيويًا للطاقة العالمية. فحتى دون إعلان رسمي من إيران بإغلاقه، قد يصبح المرور عبر المضيق خطرًا على السفن نتيجة تطور ديناميكيات المعركة.

"الإغلاق الفعلي للمضيق، حتى دون إعلان، كفيل بخلخلة سلاسل التوريد، ورفع أجور الشحن، وتعطيل حركة التجارة، لا على الأردن فقط، بل على الإقليم والعالم بأسره"، يقول زوانة.

السياحة: بداية تعافٍ مهددة بالانهيار

لم يكد الأردن يتنفس الصعداء بعد صدمة الحرب على غزة، التي أثّرت سلبًا على قطاع السياحة، حتى عاد شبح التصعيد يهدد من جديد.

يشير زوانة إلى أن "القطاع السياحي بدأ يشهد انتعاشًا ملحوظًا مؤخرًا، مع ارتفاع أعداد الزوار والمبيتات ومعدلات الإنفاق"، لكنه يحذّر من أن هذه المكاسب قد تضيع سريعًا، "فالسائح لا ينتظر نهاية العدوان... سيبحث عن بدائل فورية لقضاء إجازته".

ويؤكد أن الإقليم بأسره بات وجهة غير مرغوبة، ما يعني تراجع السياحة الوافدة إلى الأردن، وتأخر عودتها حتى إشعار آخر، نتيجة فقدان الثقة والاستقرار في المنطقة.

ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة؟

يرى زوانة أن الحكومة الأردنية مطالبة أولًا بالتحصين الداخلي وضمان استمرار الخدمات الأساسية دون انقطاع، من طاقة وكهرباء ومياه وغذاء. ويشير إلى أهمية الإسراع في بناء وتفعيل خزانات الغاز الاستراتيجية في العقبة، والتي يجري تنفيذها حاليًا، لتوفير مخزون يكفي لفترة لا تقل عن 45 يومًا.

كما يوصي بـ"التعامل الهادئ مع الأزمة، وتكثيف الاتصالات الدولية لحماية مصالح الأردن من تداعيات لا يتحمل مسؤوليتها"، مؤكدًا أن "الأردن هو المتضرر الرئيسي من حالة عدم الاستقرار التي يخلقها الكيان المحتل في المنطقة".

ختامًا

في منطقة تتشابك فيها السياسة بالأمن والاقتصاد، يصبح الاقتصاد الوطني هشًا أمام تقلبات لا يمكن السيطرة عليها. وبينما ينشغل العالم بتداعيات الحرب المباشرة، يظل الأردن، كما وصفه زوانة، "في مواجهة مباشرة مع آثار الحروب، دون أن يملك أدوات الردع أو التأثير".

ورغم ذلك، تبقى إدارة الأزمة بحكمة، وتحرك الحكومة لضمان الخدمات الأساسية، عوامل قد تقلل من حجم الأضرار، ولو مؤقتًا، في انتظار عودة الاستقرار المفقود في الإقليم.