ماذا بعد انتهاء العمل بأمر الدفاع 28؟
ينتهي الأحد، العمل بتأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين، وفق أمر الدفاع رقم (28) الذي كان رئيس الوزراء بشر الخصاونة قد مدد العمل به نهاية شهر كانون الثاني الماضي لغاية 30 نيسان
ويقتضي البلاغ، بتعديل البند (الأول) من أمر الدفاع والقاضي بتأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين الصادرة بموجب قانون التنفيذ شريطة ألا يتجاوز المبلغ 100 ألف دينار ليصبح 20 ألف دينار، وتعديل البند (الثاني) من أمر الدفاع ذاته والمتعلق بوقف تنفيذ الأحكام الجزائية التي تقضي بعقوبة الحبس في الجرائم المتعلقة بإصدار شيك لا يقابله رصيد في القضايا التي لا يتجاوز مجموع قيمة الشيكات مئة ألف دينار بحيث أصبحت القيمة عشرين ألف دينار
وكشف وزير العدل الأردني، أحمد الزيادات عن أرقام كبيرة للمتعثرين ماليا، إذ بلغت لغاية 20 نيسان /إبريل الحالي 158 ألف مواطن، مطلوبين بقضايا مالية؛ 68 بالمئة منهم يقل دينهم عن 5 آلاف دينار و87 بالمئة أقل من 20 ألفا.
إلا أن حقوقيين يؤكدون "، أن "الأعداد التي استند لها الوزير هي القضايا المسجلة في المحاكم فقط، ومن المرشح أن يتضاعف هذا العدد في حال رفع أمر الدفاع وتسجيل الدائنين لقضايا جديدة"، كما تقول المحامية تغريد الدغمي، مديرة مركز وعي لحقوق الإنسان.
الوزير تحدث أمام اللجنة القانونية في البرلمان، أن هناك 30 ألف مواطن "محكومين قطعيا"، ولم يتم القبض عليهم بقضايا مالية وتتراوح محكوميتهم بالسنة. في وقت أعلنت فيه مديرية الأمن العام أن نسب الاكتظاظ في السجون، وصلت إلى 163% مما يضع السلطات في مأزق رفع حظر منع حبس المدين.
ترى المحامية تغريد الدغمي، في حال انتهاء أمر الدفاع رقم (28) الذي أوقف الحبس في المبالغ الأقل من 20 ألف دينار، سيطبق قانون التنفيذ ويلاحق قانونيا كل من تجاوز دينه الخمسة آلاف دينار أردني، وفق تعديلاته الأخيرة، مستثنيا عقود الإيجار والحقوق العمالية.
تقول: "عقب انتهاء المدة، سيباشر الدائن برفع القضايا في المحاكم لحبس المدين، مما يعني أن الأرقام التي تحدث حولها وزير العدل ستتضاعف؛ كون الوزير استند لما هو موجود في المحاكم فقط، حيث إن الكثير من المواطنين سيحركون قضايا جديدة بعد رفع أمر الدفاع".
تدعو الدغمي السلطات الأردنية، إلى "إعادة النظر في بدائل وضمانات للدائن، على غرار الإعدام المدني المتبع بكثير من الدول، كعدم قدرة المدين على إكمال معاملاته إلا بعد تسوية ديونه في المحاكم؛ كعدم قدرته على تجديد رخصة المهن، أو جواز السفر، أو فتح حساب بنكي، وغيرها".
وعدلت السلطات الأردنية قانون التنفيذ ونص التعديل على عدم حبس المدين وخاصة بين الأصول والفروع، وفي الديون التي تقل عن 5 آلاف دينار، ووفقا لقانون التنفيذ: لا يُحبس المدين، إذا قلّ المبلغ المحكوم به عن 5 آلاف دينار.
ومن الشروط أيضا إذا أعلن المدين الإفلاس، والمدين المعسر، والمحجور عليه للسفه أو الغفلة، الذي وثق دينه بتأمين عيني، أو إذا ترتبت على حبس المدين آثار اجتماعية سلبية وضرر بأفراد عائلته، وذلك بعدم حبس الزوجين معا، أو إذا كان زوج المدين متوفى، أو نزيل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، إذا كان لهما ابن يقل عمره عن 15 سنة أو من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى المدين المريض، أو إذا كان المحكوم به دينا بين الأزواج أو الأصول أو الفروع أو الإخوة ما لم يكن "نفقة"، أو إذا كان الدين موثقا بتأمين عيني، أو إذا ثبت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها.
يصف الكاتب في صحيفة الغد ماهر أبو طير في مقال له قضية المتعثرين ماليا بـ"الأزمة التي تمت جدولتها"، يقول: "لا أماكن لسجن المطلوبين على قضايا مالية، صغرت أم كبرت؛ لأن السجون تفيض بمن فيها، وكما أشار وزير العدل فإن 87 بالمئة من المطلوبين قضائيا تتم ملاحقتهم على قضايا قيمتها أقل من 20 ألفا، وهذا يعني بشكل مباشر، أن 137 ألف شخص مطلوبون، ولا بد من توفير أماكن لهم في السجون، في حال تم إلقاء القبض عليهم".
يتساءل: "ماذا لو قرر المتعثرين ماليا ضمن حملة شعبية التجمع معا في يوم واحد، وتسليم أنفسهم، لتم التوسل إليهم، ألا يتم تسليم أنفسهم، فلا أماكن لهم في السجون".
حقوقيا، يقول رئيس جمعية جذور لحقوق المواطن فوزي السمهوري، "؛ إن "حبس المدين يتناقض مع واقع حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها الأردن منذ عام 2006".
ويرى أن "الحكومة الأردنية مطالبة بتجديد أمر الدفاع رقم 28، بغض النظر عن المبلغ التزاما بالمادة 11 الوزارة في العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي لا تجيز حبس إنسان لعجزه عن السداد بعقد التزامي، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية".
يتابع: "على الدائن أن يتحمل مسؤولية قراره وإيجاد ضمانات، وألا تتدخل الحكومة بين الطرفين، وحسب المواثيق الدولية، عدم الالتزام بالتعاقد بين الطرفين لا يعتبر جريمة ولا يجوز حجز حق المدين بالحرية، إلا إذا كان هناك جريمة تؤثر على أمن وسلم المجتمع".
ولا يقتصر التعثر المالي على الرجال، فقد كشف تقرير صادر عن شبكة مؤسسات التمويل الأصغر في الأردن، أن 68% من المقترضين نساء، بينما نقلت جمعية تضامن النساء أرقاما عن وزارة العدل تبين وجود 62 ألف أردنية غارمة و23 ألف محكوم عليهنّ في قضايا تعثر دون الألف دينار.
يركز أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي على الأبعاد الاجتماعية لرفع قرار منع حبس المدين، يقول؛ إن "من سيدفع الثمن حسب أرقام الوزير، من هم أقل منهم مدانين بأقل من 20 ألف دينار يبلغ عددهم 137 ألف مواطن ومواطنة، لو قبضنا عليهم ووضعناهم في السجون، ستتكبد الحكومة ملايين الدنانير سنويا، وستتوجه أسرهم إلى صندوق المعونة الوطنية للحصول على مساعدات، إذا تشير الإحصائيات إلى أن 15 بالمئة من النزلاء تتلقى أسرهم مساعدات مالية من الصندوق".
ويتابع في ": "لن يستطيع المدين سداد دينه وهو في السجن، ناهيك عن الآثار الأسرية لسجن رب الأسرة، وفي حال لم يتم القبض عليهم يبقون مختبئين ولا يذهبون إلى العمل منهم 18 بالمئة من الإناث مقترضات من البنوك وحدها، وهنا سنفقد الأم أيضا، ويصل عددهن إلى ربع مليون سيدة، وهنا سنشتت الأسرة".
ويحذر الخزاعي من المزيد من الاكتظاظ في السجون، متوقعا أن الغرفة الواحدة في السجن والخدمات المقدمة للنزلاء، إذ ستستقبل الغرفة الواحدة التي تتسع لعشرة أشخاص سيوضع بها 16 نزيلا، مما يعني عبئا كبيرا على الحكومة للإنفاق عليهم.
ويدعو الحكومة لحل لهذه الأزمة، إلى نشر مفهوم العدالة التصالحية بين الناس، خصوصا في ظل هروب آلاف الأردنيين خارج البلاد خوفا من السجن، مع مراعاة البعد الإنساني للمدين، والبعد الحقوقي للدائن
ودفعت تداعيات جائحة كورونا وما خلقته من أوضاع اقتصادية بسبب إغلاق القطاعات، نوابا إلى توقيع مذكرة اقترحوا من خلالها إصدار قانون عفو عام؛ بغية "حفظ الأمن المجتمعي والتخفيف عن كاهل المواطن"، بعد أن خلفت الجائحة متعثرين ماليا ذهبوا ضحية تسريح آلاف العمال.