"الاحزاب النيابية ".. مشاريع النواب وأوهام الميديا
منذ ما قبل أن يقر مجلس النواب مشروع قانون الاحزاب السياسية المنبثق عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في شهر اذار الماضي ودعوات نيابية تتحدث عن تأسيس أحزاب سياسية ستخرج من رحم مجلس النواب وليس من رحم الشارع.
ولا تبدو فكرة تأسيس النواب لأحزاب سياسية تتدلى من سقف قبة البرلمان هبوطا على الجمهور وليس العكس بالفكرة الجديدة، ففي كل مجلس نيابي تبرز فكرة يتبناها نواب يدعون فيها لتأسيس حزب "نخبوي" يخرج للناس من بوابات مجلس النواب بخلاف المتعارف عليه وهو دخول الأحزاب الى البرلمان من بواباته الخارجية بعد ان يولد خارج السلطة التنفيذية.
وبالنظر للفكرة ومآلاتها فإن النواب لا يزالون عاجزون تماما عن تشكيل حزب سياسيمن رحم البرلمان لأسباب شتى، لعل أولها أن الغالبية العظمى من النواب لا يملكون اية تجارب حزبية سابقة، وليست لديهم القواعد الجماهيرية التي تؤهلهم للإتكاء عليهم لتأمين الشعبية الخلفية الداعمة للحزب أو حتى للفكرة نفسها، ثم تأتي مسألة الثقة الشعبية بأعضاء البرلمان أنفسهم، واختلاف الثقافات السياسية "على قلتها" للنواب أنفسهم.
ولا بد من الاشارة هنا إلى "كتلة وطن" التي تأسست في بواكير عمل مجلس النواب الرابع عشر سنة 2003 عندما تداعت الكتلة لإجتماع بعيدا عن مجلس النواب وفي فندق"هوليدي إن " للبحث في تأسيس حزب يحمل نفس اسم الكتلة "حزب وطن".
وخضعت الفكرة لعدد من الاجتماعات لمناقشتها قبل أن يتم دفنها وكأنها شيئا لم يكن، لتعود الفكرة للظهور مجددا في المجالس التالية إلا أنها حظيت جميعها بذات المصير الذي انتهت اليه فكرة"حزب وطن ".
ووفقا لكل المعطيات فان أعضاء مجلس النواب الحالي لن يكون بمقدورهم تأسيس اي حزب سياسي يخرج من رحم السلطة التشريعية للناس بدلا من ان تحمل الناس الحزب للبرلمان، وبالتالي فان المعادلة البرلمانية تبقى معكوسة تماما، لكون الفكرة نفسها تنام على رأسها، وتتمدد طوليا من أعلى الى أسفل بخلاف الحركة الطبيعية لنشأة الأحزاب وتطورها.
لقد ظلت الفكرة مجرد تهويمات تتأثر بمعطيات آنية وسريعة لجمهور النخبة البرلمانية وأوهامها، دون ان تلقى أي حافز يمكنها حمل فكرتها والبناء عليها، مما بقي كل هذه الافكار مجرد أوهام يتم تسريها الى الميديا ووسائل الاعلام دون ان يكون لها اي أثر.