من رعاية الأيتام إلى التميز الوطني: الفاروق الخيرية تفوز بجائزة ولي العهد

الرابط المختصر

 في إنجاز وطني يعكس عمق الأثر الإنساني والمجتمعي، حققت جمعية الفاروق الخيرية لرعاية الأيتام المركز الأول في الدورة الثالثة من جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي، ضمن فئة أفضل مشروع تطوعي متميز للمؤسسات غير الربحية.

 جاء هذا الفوز تتويجًا لمبادرة كفالة الأيتام، التي تعد نموذجًا رائدًا في الرعاية المتكاملة والتمكين المستدام، وسلّم الجائزة الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، شخصيًا إلى رئيس الجمعية المهندس حسين فايز أبو دبي، خلال حفل رسمي أقيم في قصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب.

يأتي هذا التكريم في وقت يحتفل فيه الأردن بثقافة التطوع، حيث تهدف الجائزة التي أطلقها سمو ولي العهد عام 2021 إلى تعزيز المبادرات الإبداعية ذات الأثر المستدام، وتكريم الجهود الفردية والجماعية والمؤسسية التي تساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وتنمية.

مسيرة عطاء تمتد لثلاثة عقود ونصف

تأسست جمعية الفاروق الخيرية لرعاية الأيتام عام 1991 في مدينة إربد، تحديدًا في مخيم إربد، استجابة للحاجة الملحة لرعاية الأطفال الأيتام في المنطقة. خلال 35 عامًا من العمل المؤسسي المتواصل، بنت الجمعية نموذجًا متكاملاً يجمع بين الدعم المالي والرعاية الصحية والتعليمية والنفسية، مع التركيز على تمكين الأسر اليتيمة اقتصاديًا لتحقيق الاستقلال الذاتي.

 

تغطي مبادرة كفالة الأيتام حاليًا أكثر من 1100 يتيم، من خلال آليات شفافة تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه. ولا تقتصر البرامج على الكفالات الشهرية، بل تشمل متابعة تعليمية مستمرة، حصص تقوية دراسية، رعاية صحية دورية عبر مراكز طبية متخصصة في إربد والحصن، وبرامج دعم نفسي واجتماعي لتعزيز الاندماج المجتمعي.

قصة نجاح تلهم: من الدعم إلى التمكين

تمثل قصة "أمل"، الأم المعيلة لثلاثة أطفال والمصابة بالسرطان، نموذجًا حيًا للأثر التحويلي الذي تحققه الجمعية. بدأت رحلتها بكفالة شهرية متواضعة قدرها 20 دينارًا، ثم حصلت على ثلاث منح متتالية (700 و400 و300 دينار) مكنتها من إنشاء مطبخ إنتاجي منزلي. شاركت أمل في سبعة بازارات في إربد وعمان، ليصل دخلها الشهري إلى 300 دينار، وأصبحت الجمعية تعتمد عليها في تجهيز الطلبات والفعاليات. هذا التحول من متلقية دعم إلى منتجة مستقلة يجسد فلسفة الجمعية في التمكين الاقتصادي للأمهات الأرامل، من خلال التدريب المهني واكتساب المهارات العملية.

أصوات من داخل الجمعية: حافز للمستقبل

أكد رئيس الجمعية، المهندس حسين أبو دبي، أن التكريم السامي يمثل دافعًا كبيرًا لمواصلة خدمة الأيتام، مشيرًا إلى أن المبادرة أحدثت تغييرات ملموسة في توفير الاستقرار المعيشي، رفع التحصيل الدراسي، تعزيز الدعم النفسي، وتحسين الرعاية الصحية، إلى جانب تمكين الأمهات اقتصاديًا.

من جانبه، وصف مدير عام الجمعية محمد درباس الفوز بنقطة تحول تعزز الثقة المجتمعية والداعمين، وترفع الروح المعنوية للفريق. أشار إلى أن الجائزة ستساعد في توسيع الشراكات مع القطاعين الحكومي والخاص، تحسين التمويل، وتعزيز الحضور الإعلامي، رغم التحديات الجديدة المرتبطة بالتوسع وزيادة التوقعات.

أما مدير قسم التمكين هيثم طيطي، فقد شدد على أهمية التحول الرقمي كأولوية مستقبلية، متطلعًا إلى دعم وزارة الاقتصاد الرقمي في تطوير القدرات التقنية، وتوفير تدريبات في التسويق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي للأمهات والشباب، لتعزيز فرصهم في سوق العمل.

ختامًا: وسام ثقة ومسؤولية أكبر

يُعد فوز جمعية الفاروق بهذه الجائزة المرموقة اعترافًا رسميًا بجهودها المتواصلة في رعاية الأيتام وتمكين أسرهم، ويعزز حضورها كمؤسسة رائدة في العمل الخيري الأردني. مع مرور 35 عامًا على تأسيسها، تظل الجمعية ملتزمة برسالتها الإنسانية، مستلهمة من التوجيهات الوطنية في تعزيز الشراكة المجتمعية وثقافة التطوع المنظم. هذا الإنجاز ليس نهاية الطريق، بل حافز لتوسيع الأثر ومواجهة التحديات المستقبلية بمزيد من الابتكار والاستدامة، ليبقى الأردن نموذجًا في العطاء والتكافل.