مدير مهرجان أفينيون: نحتفي بالعربية كلغة استثنائية لحمايتها من خطاب الكراهية

الرابط المختصر

بعد الإنجليزية والإسبانية، يُسلّط مهرجان أفينيون المسرحي في فرنسا، الضوء هذا العام على اللغة العربية، حيث تُتاح للزوار فرصة نادرة للتعرّف على إبداعات أدبية وثقافية عربية نابضة بالحياة من خلال مشهد فنيّ مُتنوّع وغني، من الفصحى إلى اللهجات العامية.

وحول أسباب اختيار لغة الضّاد ضيف شرف لدورة 2025 التي تُقام من 5 إلى 26 يوليو (تموز)، يقول تياغو رودريغيز مدير المهرجان، إنّ احتضان لغة، كما كان الحال مع الإنجليزية، ثم الإسبانية، والعربية هذا العام، لطالما كان جزءاً لا يتجزأ من هوية أفينيون منذ عهد مؤسسه المسرحي الفرنسي الراحل جان فيلار.

وقال إنّه "من خلال اللغة العربية، نهدف إلى تكريم لغة ذات تراث أدبي وشفهي وكتابي استثنائي، ولغة كانت وسيطة لنقل الفنون والعلوم عبر القرون. لذا، فإن نحو ثلث الأعمال المُقدّمة (من أصل 42 عمل فنّي شامل و300 عرض) في دورة 2025 تُسهم في إبراز ثراء وحيوية الإبداع باللغة العربية".

البُعد السياسي

وأكد رودريغيز في حوار مع يومية "ليبراسيون" الفرنسية، أنّ مهرجان أفينيون يتميّز مُنذ بداياته بأنّه احتفاء بقوة الكلمات، وحدث ثقافي دولي بامتياز، يتمحور حول الفنون الأدائية. وأشار في المُقابل إلى أنّ البُعد السياسي للغة لا يُمكن إنكاره لكنّه في الواقع مُعقّد.

وأوضح مدير المهرجان المسرحي الأضخم والأهم عالمياً أنّه "في كثير من الأحيان، لا ننظر إلى اللغة والثقافة العربية إلا من زاوية السيطرة التعسّفية التي يُمارسها تُجّار الكراهية عليهما. لذا فإننا نرغب، على العكس من ذلك، في التصدّي لهم، ودحض استحالة هذا التصوّر من خلال إظهار كيف أنّها، من خلال تعبير الفنانين، لغة مفتوحة ومتعددة، ووسيلة للإبداع والخيال للشعوب والأفراد على اختلاف مُعتقداتهم: مسلمون، مسيحيون، يهود، ... ودورنا في أفينيون أن ننظر إلى اللغة من حيث تراثها الغني وازدهارها المُعاصر، وقوتها التخيّلية، وقُدرتها على التعبير عن الواقع".

تكريم مُتواصل

وعن برنامج الفعاليات والتركيز على المسرح الراقص أكثر من غيره من الفنون، أوضح أنّ البرنامج لا يدّعي الشمول، إنما هو نتيجة خيارات وقيود متعددة، منها أنّ بعض العروض المسرحية التي كان يتم التخطيط لها هذا الصيف لم تكن جاهزة، ولذلك سيتم تأجيلها إلى الدورة القادمة. مؤكداً أنّ اختيار لغة ما لتكريمها لا يقتصر على عامٍ واحد، بل هي بذرةٌ تُزرع لتنمو مع مرور الوقت.


أم كلثوم.. قوة اللغة والموسيقى

أما عن الاختيارات لبرنامج المهرجان، أوضح رودريغيز أنّها مبنيّة على تفضيلات وغايات عدّة، وصحيح أنّ هناك عروض رقص رائعة لفنانين موهوبين، وهي ضرورية وأساسية، إلا أننا علاوة على ذلك، وهذا أمر جوهري، حرصنا على اختيار مشاريع راقصة تتضمّن إلى حدّ كبير كلمات وأصوات الفنانين.

وأكد أنّ "اللغة حاضرة، وتُشكّل البنية للفعاليات"، وينطبق الأمر نفسه على الموسيقى، وذلك كما يتضح من أمسية 14 يوليو (تموز) المُنتظرة والمُهمّة في الساحة الرئيسية لقصر الباباوات، التي تجمع أصوات مُعاصرة بمُشاركة فرنسية مميزة في فعالية "صوت المرأة" حول المطربة المصرية أم كلثوم، نجمة الشرق التي توفيت قبل خمسين عاماً. وتابع أنّه بالإضافة إلى العروض واللقاءات والمُناقشات، فإنّ مقهى الأفكار وركن القراءات في أفينيون، سوف يُثريان هذا الاستكشاف للغة العربية والإبداع والفكر.

وحول كون اللغة العربية لغةً لبلدان ذات تنوّع كبير، أشار إلى وجود خيط مُشترك يُوحّد التعبير الفني المُعاصر، وقال إنّ هناك جدلية بين "الجسد الجماعي" و"الجسد الفردي"، ويتجلّى فيهما الالتزام المُشترك بروح اللغة، في جميع المشاريع والأفكار، والتي تتقاسمها الغالبية العظمى من العروض المُدرجة.

ويُشارك مركز أبوظبي للغة العربية في تنظيم حفل أم كلثوم، ويُقدّم لجمهور أفينيون كذلك كتاباً يتناول سيرتها الفنية يُتيح التعرّف على إرثها الثقافي، والفنّي، وتأثيرها العابر للأجيال. كما يُنظّم أمسية شعرية مميزة بُمشاركة نخبة من الشعراء العرب، وإضاءة خاصة على المواهب الإماراتية.