مستشارة ريادة الأعمال: التكلفة والصورة النمطية تعيق انخراط الفتيات بالتكنولوجيا

الرابط المختصر

بالرغم من التقدم الذي تشهده المملكة في مجال الرقمنة، لا تزال النساء يواجهن تحديات في الوصول إلى التكنولوجيا والانخراط في سوق العمل الرقمي. 

وفي اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات، الذي يصادف 17 أيار تحت شعار "المساواة بين الجنسين في التحول الرقمي"، يبرز التفاوت في فرص الوصول والمعرفة الرقمية بين النساء والرجال، ويدعو إلى بناء فضاء إلكتروني أكثر عدالة وشمولا.

وعلى الرغم من تسجيل مؤشرات محلية تحسنا نسبيا في مشاركة النساء الأردنيات في قطاع التكنولوجيا، إلا أن الفجوة الرقمية ما تزال قائمة، ما يضع صناع السياسات أمام مسؤولية مباشرة لترجمة الشعارات إلى خطوات عملية تعزز العدالة الرقمية.

 

أرقام تكشف الواقع

رغم ما تظهره البيانات المحلية من تحسن نسبي في مشاركة النساء في قطاع التكنولوجيا، إلا أن الأرقام لا تزال تعكس فجوة ملموسة.

وفقا لدائرة الإحصاءات العامة لعام 2023، بلغت نسبة النساء اللاتي يستخدمن الإنترنت 66% مقارنة بـ76% من الرجال، ما يوضح وجود فجوة رقمية واضحة. 

أما على مستوى سوق العمل، فلا تتجاوز نسبة النساء العاملات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 30%، رغم أن النساء يشكلن أكثر من نصف خريجي التخصصات التقنية في الجامعات الأردنية.

من جانبها تؤكد المستشارة ومدربة ريادة الأعمال علياء عنبر في حديثها لـ "عمان نت" أن المرأة الأردنية قطعت شوطا كبيرا في التعليم والتكنولوجيا، إلا أن التحديات التي تواجهها للوصول إلى المهارات الرقمية والانخراط في سوق العمل التقني لا تزال قائمة، مرجعة ذلك إلى قلة التحاق الفتيات بالتخصصات التكنولوجية مقارنة بالرجال، إضافة إلى الصور النمطية التي تصور هذا القطاع كمجال ذكوري، مما يضعف إقبال الفتيات عليه.

كما تشير إلى أن الفتيات في المحافظات يعانين بشكل خاص من نقص فرص التدريب وضعف البنية التحتية الرقمية، وهو ما يعمق الفجوة، ويقلل من فرص التمكين، مضيقة "التحول الرقمي فتح آفاقا جديدة، خاصة في ريادة الأعمال، لكن التفاوت ما زال كبيرا بين المدن الكبرى والمحافظات في توفر التكنولوجيا والبرامج التدريبية المناسبة.

وتلفت إلى أن تكلفة البرامج الرقمية المرتفعة تشكل حاجزا إضافيا، مما يدفع بعض الفتيات إلى التوجه نحو الحرف اليدوية عوضا عن الانخراط في الاقتصاد الرقمي، أما في ما يخص الأمان الرقمي، فتعتبره عنبر عاملا محوريا في تردد بعض الفتيات.

 

الحلول المقترحة

للحد من هذه التحديات  تطالب بدمج التربية على الخصوصية الرقمية ضمن المناهج الدراسية، وتكثيف التوعية حول حماية البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تعزيز الثقة في القوانين التي تردع الجرائم الإلكترونية، مثل الابتزاز والتحرش الرقمي.

كما أن سد الفجوة الجندرية في تخصصات مثل الذكاء الاصطناعي والبرمجة يتطلب كسر الصورة النمطية، وتشجيع الفتيات على الانخراط في هذه المجالات من خلال حملات موجهة ومنح دراسية بحسب عنبر التي تشير إلى أن هذه التخصصات ليست حكرا على الذكور، الفتيات قادرات على الإبداع والتفوق، وربما أكثر من أقرانهن الذكور، إذا ما أتيح لهن الدعم المناسب.

وتدعو إلى دور فاعل للحكومة والقطاع الخاص في ترجمة شعار هذا العام إلى سياسات ملموسة، عبر فرض التنوع الجندري في التوظيف، وتوسيع برامج التدريب الرقمي لتشمل جميع المحافظات، مؤكدة أن إشراك المرأة في قطاع التكنولوجيا أمر بالغ الأهمية لمستقبل الأردن الرقمي. وتختم بالقول: "عندما نُمكن الفتيات من دخول هذا القطاع، فإننا لا نمنحهن فرصة فقط، بل نمنح الاقتصاد والمجتمع فرصة للنمو والابتكار الشامل".

 

أرقام خجولة لمناصب النساء بقطاع التكنولوجيا 

في الوقت الذي يشهد فيه الأردن تحولا رقميا واسع النطاق مدفوعا برؤية التحديث الاقتصادي 2033، لا تزال مشاركة النساء في الاقتصاد الرقمي تواجه تحديات متجذرة، تكشف عنها أرقام دولية ومحلية تشير إلى فجوة نوع اجتماعي في قطاع التكنولوجيا.

وفي تصريحات لرئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، المهندس بسام السرحان، يسلط الضوء على هذه الفجوة بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات، مؤكدا أن التمكين الرقمي للنساء يعزز من كفاءة المجتمعات واقتصادات الدول.

لكن ما تزال الأرقام خجولة، فبحسب تقرير "المرأة في الأعمال" لعام 2024، لا تتجاوز نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا بقطاع التكنولوجيا 32%، وهي أقل من المتوسط العالمي البالغ 33.5%. 

هذا الواقع بحسب السرحان يعكس صورة أوسع لمحدودية وصول النساء إلى فرص التدريب، والحماية في الفضاء السيبراني، فضلا عن ضعف التوجيه المبكر للفتيات نحو تخصصات STEM العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيات.

التحولات الرقمية في الأردن، رغم أنها تمثل أولوية تنموية بحسب تصريحات السرحان، لم تنجح بعد في معالجة الأسباب الهيكلية التي تعيق حضور النساء في الاقتصاد الرقمي، معتبرا المبادرات الحكومية والخاصة، مثل إنشاء وحدة الشمول الرقمي ومحطات المعرفة، لا تزال بحاجة إلى منهجية مستدامة تضمن المساواة الرقمية من حيث النفاذ والمهارات والمشاركة في صناعة القرار.

هذا ويتطلع الاردن مع اختيار مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات للعاصمة الأردنية عمان كعاصمة العالم العربي الرقمية لعام 2025 الذي جاء تتويجا لدورها كمدينة ذكية تدار مرافقها وخدماتها عبر منظومة رقمية متطورة قابلة للتوسع، إلى تحقيق المزيد من الانجازات الوطنية وبتشاركية مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بهدف ردم الفجوة الرقمية بين المجتمعات المحلية وفئاتها المتنوعة.