منذ عقود، ارتبط اسم السيارات اليابانية بمفاهيم الجودة، الاعتماديّة، والكفاءة الاقتصادية. كانت تويوتا، هوندا، نيسان، ومازدا رموزًا لصناعةٍ استطاعت أن توازن بين الأداء والمتانة والسعر المعقول، فاحتلت مكانة مهيمنة في الأسواق العالمية. (شخصيا كان لدي هوندا سيفيك 1998.. خدمت اكثر من 25 سنة و لم تعاني من اي مشاكل!!)
لكن مؤشرات السنوات الأخيرة تُظهر تراجعًا تدريجيًا في قدرة الشركات اليابانية على مواكبة التحولات الجذرية في صناعة السيارات، خصوصًا مع صعود المنافسين الكوريين والصينيين.
أولاً: التراجع في فئة سيارات البنزين
لطالما كانت هذه الفئة الحصن الأقوى للصناعة اليابانية. غير أن الشركات الكورية – هيونداي وكيا على وجه الخصوص – أعادت تعريف المنافسة من خلال تحسين التصميم والأداء وتقديم مواصفات أغنى و خيارات متعددة بسعر أقل. المستهلك اليوم بات يرى في السيارات الكورية ما كانت تمثله السيارات اليابانية قبل عقدين: جودة عالية بسعر منطقي و ايضا بكماليات و مواصفات أعلي بكثير . (مثلاً سيارة زوجتي هيونداي النترا بها كماليات لا تراها إلا بالسيارات اليابانية الفارهة جداً)
ثانيًا: خسارة الريادة في السيارات الهجينة
حين أطلقت تويوتا سيارتها الشهيرة Prius، كانت الرائدة بلا منازع في سوق السيارات الهجينة.
و اكتسحت الأسواق و خصوصا في الولايات المتحدة غير أن هذا التفوق لم يُترجم إلى ريادةٍ مستدامة. فبينما اكتفت الشركات اليابانية بتطوير طرازات محدودة من سياراتها الموجودة (مثلا تعديل محرك تويوتا كامري ليصبح هجين !!) ، استثمر الكوريون والصينيون بكثافة في البحث والتطوير، فانتقلوا بسرعة إلى جيلٍ جديد من السيارات الهجينة الأكثر تطورًا، والأقل تكلفة، والأكثر توافقًا مع متطلبات المستهلك الحديث.
ثالثًا: الفجوة الكبرى في قطاع السيارات الكهربائية
تُعدّ نيسان من أوائل من دخل هذا القطاع بسيارتها Leaf، لكن غياب التطوير المستمر جعلها تفقد الزخم سريعًا. في المقابل، استثمرت الشركات الصينية في هذا المجال بلا تردد، و حالياً الصين مركزًا عالميًا لتكنولوجيا البطاريات والإنتاج منخفض التكلفة.
سياسة الصين: من حيث انتهى الآخرون
لم يخترع الصينيون العجلة، لكنهم بدأوا من حيث انتهى الآخرون. استخدموا أدوات الإغراق الاقتصادي، وقدموا سيارات مليئة بالكماليات بأسعار لا يمكن مجاراتها. تعاملوا مع صناعة السيارات كما يتعاملون مع صناعة الأدوات المكتبية (أقلام الرصاص و المحاية و البراية) تنويع، إنتاج مكثف، وأسعار مغرية.
في المقابل، تبدو الشركات اليابانية أسيرة فلسفة الإنتاج التقليدي، حيث تُعامل ابسط الكماليات كخيارات إضافية تُكلّف المستهلك مبالغ إضافية.
المستقبل:
إذا استمرت الشركات اليابانية في التباطؤ بالتجديد والاعتماد على إرثها الصناعي فقط، فإنها مهددة بتكرار مصير “نوكيا” و”كوداك” — شركات ظنت أن مكانتها التاريخية تكفي لحمايتها من التحول التكنولوجي، فاستيقظت لتجد نفسها خارج السباق.
لكن في المقابل، لا يمكن إغفال ما تمتلكه اليابان من خبرات هندسية عميقة، وثقافة صناعية دقيقة، وقدرة على التكيف حين تصل التهديدات إلى مرحلة الخطر الوجودي.
و لكن هل يوجد النية لذلك
ام ستكون لقمة سائغة لاستحواذ الصين عليها هذا إذا قبلت التقاليد و الموروثات اليابانية هذا الأمر
السؤال المحوري اليوم ليس ما إذا كانت الصين ستتفوق، فهذا يحدث بالفعل، بل ما إذا كانت اليابان قادرة على إعادة اختراع نفسها في عصرٍ تقوده البرمجيات، البطاريات، والذكاء الاصطناعي!!











































