ناشطون يؤكدون رسالة أسطول الصمود وصلت إلى غزة رغم اعتراضات الاحتلال

الرابط المختصر

على بعد أميال قليلة من شواطئ غزة، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن جيش الاحتلال سيطر على أكثر من 40 سفينة من أسطول الصمود العالمي المتجهة نحو القطاع، واعتقل مئات النشطاء والمتضامنين بعد ليلة طويلة من الاعتداءات على سفن تقل ناشطين مدنيين جاؤوا من أكثر من 45 دولة، حاملين معهم الأمل والدواء والغذاء لسكان غزة المحاصرة.

وبينما نقلت البحرية الإسرائيلية هؤلاء النشطاء إلى ميناء أسدود تحت ما وصفته بالترحيل الطوعي، كان صدى رسائلهم الإنسانية يتجاوز أسوار الموانئ، حيث يؤكد المنظمون أن هدف الأسطول لم يكن سوى كسر الحصار الخانق عن مليوني إنسان يعيشون ظروفا استثنائية في غزة، محرومين من أبسط مقومات الحياة.

وعلى الرغم من إعلان إسرائيل أن أي سفينة لم تتمكن من دخول المياه الإقليمية للقطاع، فإن أحد مكونات الأسطول وهو أسطول الصمود المغاربي قال في منشور مؤثر على فيسبوك إنه اجتاز بالفعل المياه الإقليمية الغزية، ليصبح على بعد أقل من تسعة أميال من شواطئ غزة، في خطوة وصفها بأنها الأقرب إلى الحلم منذ بداية الرحلة.

لم يتوقف المشهد عند البحر، بل امتد إلى البر، حيث شهدت أكثر من 118 مدينة حول العالم، من واشنطن ولندن وباريس إلى الرباط وعمان، فعاليات تضامنية مع النشطاء المعتقلين، رافعة شعارات تؤكد أن رسالتهم لا تحمل سوى الدفاع عن إنسانية مشتركة ترفض ترك شعب محاصر فريسة للجوع والألم.

 

مشاركة أردنية راسخة

في الأردن، كان للأطباء مشاركات بارزة في هذا المشهد، حيث يوضح أمين سر نقابة الأطباء، الدكتور مظفر الجلامدة، أن مشاركة الأطباء الأردنيين في الأسطول تأتي امتدادا لجهود الأردن المتواصلة، رسميا وشعبيا، في دعم الشعب الفلسطيني.

 فمنذ عام 2009، لم يتوقف المستشفى الميداني الأردني في غزة عن العمل، مقدما مئات آلاف الخدمات الطبية، فيما تدفقت شحنات الأدوية وحملات التبرع بالدم ومعالجة الجرحى القادمين من القطاع، في تأكيد أن الموقف الإنساني لا يعرف الحدود.

ولعب الأطباء الأردنيين دورا بارزا منذ بداية الأزمة، حيث شارك بعضهم في وفود زارت قطاع غزة، فيما عمل آخرون، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، في المستشفيات الميدانية هناك، كما تبرز مساهمتهم داخل الأردن من خلال التطوع لعلاج مرضى غزة مجانا في المستشفيات الأردنية، مما يعكس قدرة الطبيب الأردني على تقديم الدعم الطبي سواء داخل الأردن أو في قطاع غزة.

 

 

 

البعد القانوني

من جانبه يوضح الناشط الحقوقي المتخصص بالاتفاقيات الدولية الدكتور رياض صبح، أن اعتراض البحرية الإسرائيلية لـ"أسطول الصمود" في المياه الدولية يشكل انتهاكا صريحا للقانون الدولي، خصوصا أن السفن مدنية وتحمل ناشطين سلميين ومساعدات إنسانية. 

ويعتبر صبح أن هذا الفعل يضاف إلى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ويمكن وصفه من منظور الفقه الدولي بأنه يمثل نوعا من الإرهاب، رغم غياب اتفاقية دولية رسمية لتعريف الإرهاب، إذ يشمل أي فعل يستهدف المدنيين بهدف الضغط على سلطة معينة.

ويشير إلى أن إرسال هذه الأساطيل يتم بدعم شعوب ودول، مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا، وأن اعتراضها يشكل جريمة قرصنة في المياه الدولية لا يحق لأي دولة ارتكابها، ويعد اعتداء على الشعب الفلسطيني لمنعه من الحصول على المساعدات الإنسانية، كما يعد أيضا اعتداء على مواطني الدول المرسلة للمساعدات، مضيفا أن هذه الأفعال تخالف اتفاقيات حقوق الإنسان، اتفاقيات جنيف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، اتفاقية البحار، والفقه الدولي الخاص بتعريف الإرهاب.

 

 

 

اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982  تؤكد على حرية الملاحة في المياه الدولية، ولا تجيز اعتراض سفن مدنية إلا في حالات القرصنة أو التهديد الأمني المباشر.

تقارير "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" توثق منذ سنوات ممارسات الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وتصف الحصار بأنه عقاب جماعي، وهو ما تحظره المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، مما يرسخ فكرة أن هذه الأفعال تندرج ضمن إطار الإرهاب الدولي الموجه ضد المدنيين.

وحول تداعيات الحدث، يرى صبح أن صورة إسرائيل أمام الرأي العام الدولي تتدهور تدريجيا، خصوصا مع وجود ناشطين من أكثر من 40 دولة، ما يعزز إدراكا متناميا لانتهاكاتها المستمرة للقوانين الدولية، متوقعا أن تشهد المرحلة المقبلة إدانات رسمية وخطوات عملية من بعض الحكومات، قد تصل إلى مقاطعة أو إلغاء اتفاقيات تجارية، على غرار ما فعلته إسبانيا سابقاً.

 

صوت الشارع الأردني

وعلى مستوى الشارع الأردني، جسدت الأحزاب السياسية وقفات تضامنية مع  نشطاء الأسطول، شاركت فيها نخب سياسية وثقافية.

وتوضح أمين عام حزب العمال الدكتورة رولا الحروب، أن هذه الوقفات تمثل شكلا جديدا من العمل الشعبي لإيصال رسالة دعم وتقدير للناشطين القادمين من أكثر من 45 دولة، معتبرة أن التحرك بحد ذاته رسالة قوية في مواجهة سياسات الاحتلال.

 

 

وتؤكد الحروب أن هذه الفعاليات، التي تزامنت مع وقفات في 118 مدينة، تشكل ورقة ضغط مهمة على الحكومات لحماية النشطاء وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرة إلى أن الموقف الرسمي الأردني متقدم مقارنة بمواقف عربية أخرى، بحكم ارتباط القضية الفلسطينية بالسياسات الداخلية الأردنية.

هذا ويجمع النشطاء بأنه بين بحر محاصر وضمير عالمي متضامن، يظهر أسطول الصمود كقافلة إنسانية تحمل معنى الحرية، رغم اعتراضه بالقوة، إلا أن رسالته نجحت في كسر الصمت، وتأكيد أن غزة ليست وحدها، وأن العالم ولو من خلال مبادرات فردية وجماعية شجاعة، لا يزال قادرا على الدفاع عن حق الحياة.