مليون طرد سنويا دون رسوم.. ودعوات لتوحيد الضرائب بين التجارة التقليدية والإلكترونية

الرابط المختصر

لم تعد الطرود البريدية القادمة من الخارج مجرد وسائل شخصية للشراء عبر الإنترنت، بل انعكست اثارها خلال السنوات الأخيرة سلبا على التجارة التقليدية بسبب المنافسة غير العادلة، ففي الوقت الذي يجد فيه المستهلك  المنصات الإلكترونية تنوعا واسعا وأسعارا منافسة، يرى التجار في تلك الطرود خطرا يهدد بقاءهم في السوق ويحد من فرص العمل المحلية.

أمام تصاعد هذه التحديات، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة والتموين عن توجهات جديدة لتنظيم استيراد الطرود البريدية، تشمل قطاعات الألبسة والإكسسوارات والعطور ومستحضرات التجميل والألعاب والمكملات الغذائية.

كما أقرت وزارة المالية تخفيض الرسوم الجمركية على الطرود الشخصية التي لا تتجاوز قيمتها 200 دينار لتصبح 10% فقط حد أدنى 5 دنانير، مع تبسيط إجراءات التخليص وإلغاء شرط البيان الجمركي.

هذه الخطوات جاءت بحسب الحكومة بهدف حماية السوق المحلي وتعزيز ثقة المستهلك، لكنها في الوقت نفسه أثارت جدلا واسعا حول مدى عدالتها وانعكاسها على الأسعار.

 

المستهلكون بين السعر الأرخص و الخوف من الغش

تباينت آراء المواطنين حول القرار  الجديد، حيث ترى آية عادل وهي موظفة في إحدى الشركات الخاصة أن الأسعار عبر المواقع الإلكترونية أوفر، لكنها كثيرا ما صدمت بجودة ضعيفة أو منتجات غير مطابقة، معتبرة أن التنظيم يحمي المستهلك حتى لو رفع الكلفة قليلا.

أما أحمد الحياري وهو طالب جامعي يؤكد أن التجارة الإلكترونية تمنحه خيارات غير متوفرة محليا، خصوصا في الملابس والأجهزة، لكنه يخشى أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى تقييد خيارات الشباب وزيادة التكلفة.

سعاد محمد وهي ربة منزل تعتبر القرار إيجابيا إذا ساهم في ضبط السوق، وترى أن تشجيع الشراء من السوق المحلي أفضل لحماية الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل.

تقديرات سابقة لنقابة تجارة الالبسة تشير الى أن نحو 7500 طرد بريدي يدخل الأردن يوميا، يحتوي على حوالي 90 ألف قطعة ملابس بقيمة تجارة سنوية تبلغ 310 ملايين دينار، بينما التجارة التقليدية لا تتجاوز 250 مليون دينار

 

التجار: منافسة غير عادلة

من جانبه يؤكد عضو غرفة تجارة عمان وممثل قطاع الألبسة، أسعد القواسمي، في حديثه لـ عمان نت أهمية تنظيم قطاع الطرود البريدية والتجارة الإلكترونية لما له من تأثير مباشر على التجارة التقليدية، خصوصا في قطاع الألبسة. 

ويوضح أن التجارة التقليدية تضررت بشكل كبير خلال السنوات الست الماضية نتيجة دخول الطرود البريدية القادمة من الخارج دون رسوم أو ضرائب، لافتا إلى أن عدد الطرود وصل إلى نحو مليون و700 ألف طرد سنويا، وهو رقم يفوق حجم المستوردات الرسمية في قطاع الألبسة.

ويشير إلى أن التعليمات الصادرة مؤخرا تعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى آليات واضحة تمنع الالتفاف عليها، مشددا على ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين التجارة التقليدية والتجارة عبر الطرود البريدية، خصوصا فيما يتعلق بالرسوم والضرائب، بحيث لا يبقى هناك تفاوت يضر بأحد الطرفين.

 

 

وبين أن السوق الإلكتروني ينقسم إلى شقين، وهما  شركات محلية مسجلة وملتزمة بدفع الضرائب والجمارك، وأخرى تعتمد على الطرود البريدية وتعيد بيع بضائعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأسعار منافسة للتجارة التقليدية من دون أن تدفع أي رسوم أو ضرائب، الأمر الذي يستدعي ضبطا ورقابة من خلال منصة إلكترونية تنظم العملية.

ويضيف أن جودة البضائع الواردة عبر الطرود ليست مضمونة دائما، نظرا لغياب المرجعية المؤسسية وعدم وضوح آليات الإرجاع أو الاستبدال في حال كانت السلعة غير مطابقة للمواصفات أو الصور المعروضة، مما يضع المستهلك في متاهة ويجعله عرضة للغش.

هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، يقول القواسمي، داعيا إلى إنشاء منصة رسمية تنظم الاستيراد للاستخدام الشخصي ضمن حدود واضحة، وتمنع تحويل الطرود إلى تجارة غير مشروعة في الظل.

 

أعباء إضافية على الحكومة

لا تقتصر المشكلة على التجارة التقليدية فقط، بحسب القواسمي بل تمتد إلى المؤسسات الحكومية التي تواجه ضغطا في تخزين ومتابعة آلاف الطرود يوميا، مع خسارة الخزينة لحقوقها من الرسوم والضرائب، مشددا على أن ضبطها سيحقق فائدة مزدوجة للقطاع التجاري التقليدي وللمستهلك على حد سواء.

ويوضح القواسمي أن قطاع الألبسة التقليدي عانى خلال السنوات الماضية من ركود وخروج بعض التجار من الأسواق، نتيجة المنافسة غير العادلة مع الطرود البريدية، مؤكدا أن أي تعليمات جديدة يجب أن تبنى على إجراءات تنفيذية واضحة لتحقيق العدالة بين مختلف أشكال التجارة.

وفيما يتعلق بالحوار مع الجهات الرسمية، يبين القواسمي أن القطاع عقد أكثر من 50 اجتماعا مع وزارتي المالية والصناعة والتجارة خلال السنوات الست الماضية، عرض فيها ملاحظاته حول مكامن الضعف والمخاطر في التعليمات السابقة، مشيرا إلى أن معظم الإجراءات التي اتخذت صبت في مصلحة الطرود البريدية على حساب التجارة التقليدية.

القواسمي يشدد على أن دعم المنتجات المحلية من ألبسة وأحذية ومستحضرات تجميل أصبح ضرورة، خصوصا بعد نجاحها في التصدير للأسواق الخارجية، لكنه يحذر من أن استمرار المنافسة غير العادلة قد يؤدي إلى مزيد من الركود وخروج تجار من السوق.