مطالبات بتشريع يلزم بمشاركة نسائية لا تقل عن 30% في السلطة التنفيذية

الرابط المختصر

رغم التأكيدات الرسمية بشأن تعزيز دور المرأة في الحياة العامة، إلا أن الواقع لا يعكس هذه الطموحات، حيث أن التمثيل النسائي في الحكومات ما زال دون المستوى المأمول، وهو ما ظهر في التعديل الوزاري الأخير، وسط دعوات بضرورة مأسسة مشاركة النساء من خلال تشريع يلزم بحد أدنى لا يقل عن 30% في السلطة التنفيذية، على غرار السلطة التشريعية،

فبينما تحقق الأردنيات تقدما لافتا في ميادين التعليم والمهنية، تبقى مشاركتهن في السلطة التنفيذية متأرجحة، رغم ما جاء في خطاب العرش من تأكيد على تمكين المرأة كركيزة في مشروع الإصلاح الوطني، ورغم التعديلات الدستورية لعام 2022 التي نصت صراحة على دعم دور المرأة، إلا أن التطبيق العملي ما زال يعاني من فجوة كبيرة.

على الصعيد الرسمي، تؤكد الجهات الحكومية مرارا التزامها بتمكين المرأة، حيث شدد المهندس موسى المعايطة، خلال توليه منصب وزير الشؤون السياسية والبرلمانية عام 2020، أثناء إطلاق تقرير حول العنف الانتخابي ضد المرأة على أهمية المشاركة السياسية النسائية كجزء من التنمية الشاملة.

 كما دعت وزيرة التنمية الاجتماعية، وفاء بني مصطفى، إلى توسيع حضور النساء في مواقع اتخاذ القرار كوسيلة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتفعيل القضايا المجتمعية.

 

تعديل وزاري يكشف عن تراجع ملموس

 

وجاء  التعديل الوزاري الأخير ليعكس انتكاسة جديدة في تمثيل النساء، مع مغادرة كل من وزيرة السياحة والآثار لينا عناب، ووزيرة النقل وسام التهتموني، فيما انضمت المهندسة بدرية البلبيسي إلى الفريق الوزاري كوزير دولة لتطوير القطاع العام 

ترى مسؤولة مشروع "صوت" لتشجيع مشاركة الشباب والنساء في السياسة بجمعية معهد تضامن النساء الأردني الدكتورة زهور الغرايبة، في حديثها لـ "عمان نت"، أن التراجع في نسبة تمثيل النساء في الحكومة الجديدة يعكس انتكاسة حقيقية على صعيد تمكين المرأة، ويؤشر إلى غياب نسق واضح في تطور مشاركتهن في مواقع صنع القرار، وتحديدا في السلطة التنفيذية.

تكشف الأرقام عن تذبذب واضح في نسب تمثيل النساء في الحكومات الأردنية خلال السنوات الماضية، فقد بلغت أعلى نسبة في حكومة الدكتور عمر الرزاز عام 2018 نحو 25%، ثم تراجعت إلى 9.1% عام 2021، وارتفعت إلى 24% منتصف عام 2023، قبل أن تنخفض مجددًا إلى 15.6% ثم إلى 12.9% في الحكومة الحالية، التي ضمت 4 وزيرات من أصل 31 وزيرا.

وتبين الغرايبة أن هذا التذبذب في نسب المشاركة يكشف عن فجوة واضحة بين الخطاب الرسمي الذي يدعو إلى تمكين المرأة، وبين الممارسات السياسية على أرض الواقع، موضحة أن من أصل 31 وزيرا، هناك فقط أربع وزيرات، وهو ما يعكس تراجعا وتناقضا بين ما يقال على المستوى الخطابي وما ينفذ عمليا، ويضعف مصداقية التوجهات الإصلاحية

 

 

 

 

 

المؤهلات النسائية لا تنعكس في الواقع القيادي

 

تشير الغرايبة إلى أن الكفاءة ليست المشكلة، إذ إن النساء يتفوقن في التعليم العالي، وتشكل الإناث ما يزيد عن 60% من خريجي الجامعات، ونحو 55-65% من طلبة الدراسات العليا، كما تسجل نسبا متقدمة في تخصصات STEM ، لكن دون أن ينعكس ذلك على التعيين في المواقع القيادية.

بخلاف السلطة التشريعية التي تضمن الكوتا النسائية بنسبة لا تقل عن 30%، لا توجد تشريعات تلزم الحكومات بحد أدنى لتمثيل النساء، وترى الغرايبة أن هذا الغياب يجعل مشاركة النساء في التشكيلات الحكومية رهنابمزاج التعديل الوزاري، مما يهدد استدامة وجودهن، بحسب الغرايبة.

وتنتقد النظرة التقليدية التي تحصر النساء في وزارات ذات طابع اجتماعي، بينما تستثنى من الوزارات السيادية والاقتصادية والأمنية، مشيرة  الغرايبة إلى أن الديمقراطيات الحديثة تحدد تمثيلا نسائيا لا يقل عن 40% في الحكومات، وهو ما لا يزال غائبا عن الحالة الأردنية.

ومن الأمثلة على ذلك من دول مجاورة مثل تونس 29.2% والإمارات 27.5%، حيث حققت النساء تقدما لافتا في التمثيل الحكومي.

أرقام  دائرة الإحصاءات العامة، تشير إلى ارتفاع نسبة تمثيل النساء في بعض السنوات لتعود وتنخفض في سنوات أخرى، ويتضح التراجع في التمثيل في المناصب الوزارية والذي وصل في بعض السنوات إلى 24% لينخفض في عام 2020 إلى أقل من نصف ذلك 9%، في غالبية المواقع الأخرى لم يكن هناك تغيير جذري على مدار 12 سنة.

الناشطة في مجال حقوق المراة والعين السابق اميلي نفاع ترى أن هذا التمثيل النسائي في مجلس الوزراء والأعيان ‘يجابي، إلا أنها لا زالت تحتاج إلى المزيد من الإنصاف، وخاصة وأن المرأة تشكل قرابة نصف السكان في المملكة.

وتشير نفاع إلى أهمية وجود المرأة في مختلف مجالات العمل، ووصولها إلى مواقع صنع القرار، فيعد تمكين المرأة بأبرز العناصر الأساسية لتحسين الحياة الاجتماعية والإقتصادية.

رغم ما تلعبه العديد من الجهات الداعمة لتعزيز وتمكين المرأة على الصعيد الإقتصادي والسياسي، إلا أن المجتمع لا زال يحتاج إلى المزيد من البرامج التوعوية للتقليل من النظرة النمطية السائدة والتي تساهم بالحد من مشاركة المرأة في مختلف المجالات على نطاق واسع، بحسب نفاع.

وللحد من هذه الإشكالية، تدعو الغرايبة إلى "مأسسة" مشاركة النساء من خلال تشريع يلزم بحد أدنى لا يقل عن 30% في السلطة التنفيذية، على غرار السلطة التشريعية، حيث ترى أن غياب هذا النص يجعل جهود التمكين مجرد شعارات لا تتحقق فعليا على أرض الواقع.

هذا وشهدت انتخابات مجلس النواب العشرين في عام 2024 قفزة نوعية، حيث فازت 27 سيدة بمقاعد نيابية من أصل 138، بنسبة 19.6%، وهي الأعلى منذ عام 1974،  ويعزى هذا التقدم إلى تعديلات قانوني الانتخاب والأحزاب في 2022، التي خصصت 18 مقعدا للنساء ضمن الكوتا المحلية، وألزمت الأحزاب بنسبة تمثيل نسائي لا تقل عن 20%

لم تقتصر إنجازات النائبات على الفوز بالمقاعد، بل شغلن مناصب مؤثرة داخل مجلس الأمة، حيث ترأست 4 منهن لجانا نيابية، وشغلت 10 مواقع كنائبات رؤساء أو مقررات، إضافة إلى وجود سيدتين في المكتب الدائم لمجلسي النواب والأعيان.

عكست المؤشرات العالمية هذا التقدم، فقد تحسن ترتيب الأردن في مؤشر الفجوة الجندرية العالمي في التمكين السياسي ليصل إلى المرتبة 115 عام 2024 بعد أن كان 124 في العام السابق.

 كما ارتفع ترتيب الأردن في مؤشر المرأة وأنشطة الأعمال والقانون إلى 59.4 من أصل 100، بعد أن كان 46.9 العام السابق.