
صفارات الإنذار تعيد ملف الملاجئ إلى الواجهة ومطالبات بتحديث كودات البناء

مع تصاعد وتيرة التوترات في المنطقة وعودة صفارات الإنذار إلى الأجواء الأردنية في ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، عاد الحديث عن مدى جاهزية الملاجئ في المملكة إلى الواجهة، وسط تساؤلات الشارع الأردني حول توفر أماكن آمنة يمكن اللجوء إليها، ووجود خطة واضحة ترشدهم إلى مواقع تلك الملاجئ في حال الطوارئ.
وتزايدت المطالبات بإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالبناء، وتحديدا التي كانت تفرض سابقا وجود غرف محصنة أو ملاجئ داخل الأبنية، قبل أن يلغى هذا التشريع في عام 1993، ما ترك فراغا قانونيا وإنشائيا بات أكثر وضوحا مع تزايد التهديدات الإقليمية.
رئيس مركز الأمن وإدارة الأزمات، العميد حاتم الزعبي يؤكد إلى أنه تم تشكيل خلية متابعة منذ يوم الخميس الماضي لمتابعة التطورات الإقليمية بشكل مستمر، مشيرا إلى جاهزية مراكز الإيواء التي تستوعب عشرات الآلاف المواطنين، مع توفير كافة احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء، إلى جانب خطط جاهزة للتنفيذ فور الحاجة.
في السياق ذاته، يوضح مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، الدكتور أحمد النعيمات، أن مراكز الإيواء تمثل جزءا من الخطة الوطنية للاستجابة للمخاطر، وتتوزع على منشآت تابعة لوزارات التنمية الاجتماعية، والشباب، والأوقاف، بالإضافة إلى مخيمات مؤهلة سلفا كالمخيم الواقع في منطقة الأزرق، والمخصص للتعامل مع كوارث مثل الزلازل والفيضانات.
وفيما يتعلق بالوضع الراهن، يؤكد النعيمات أن الاحتماء داخل المنازل واتباع التعليمات التحذيرية الصادرة عن الجهات الرسمية يعد كافيا في الوقت الحالي لتفادي أية مخاطر.
نقابة المهندسين: غياب الإحصاءات وتراجع التشريعات
في المقابل يشير عضو مجلس نقابة المهندسين ورئيس شعبة الهندسة المعمارية، المهندس عماد الدباس إلى أن الأردن يفتقر اليوم لإحصائيات دقيقة حول عدد الملاجئ والغرف المحصنة، رغم وجودها في بعض المنشآت الحساسة كالسفارات والبنوك والمستشفيات، مما يعكس الحاجة الملحة لتحديث كودات البناء وتفعيل التشريعات التي تضمن حماية حقيقية في حالات الطوارئ.
ويطالب الدباس، بضرورة إعادة تفعيل التشريعات الخاصة بإلزام المباني بوجود غرف محصنة أو ملاجئ، في ضوء تصاعد التحديات الأمنية والجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، موضحا في حديثه لـ "عمان نت" أن التشريعات السابقة كانت تلزم المهندسين والمكاتب الهندسية بتضمين مخططات المباني ملجأ في كل منشأة، وذلك وفق أنظمة البناء الصادرة عن الجهات الرسمية كمثل وزارة الشؤون البلدية وأمانة عمان الكبرى، إلا أن هذه المتطلبات ألغيت لاحقا نتيجة لاعتقاد الجهات التشريعية آنذاك بعدم وجود تهديدات حقيقية تستدعي إنشاء مثل هذه الملاجئ.
ويضيف أنه اليوم، بات واضحا أن المنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار، وهناك حاجة ملحة لعودة هذا النوع من التشريعات، لضمان الحماية في حالات الطوارئ، سواء كانت حروبا أو كوارث طبيعية.
الفرق بين الغرف المحصنة والملجأ
وفي توضيحه للفارق بين "الغرفة المحصنة" و"الملجأ"، بين الدباس أن الغرفة المحصنة يمكن أن تكون جزءا من المبنى ذاته، تستخدم في الظروف العادية لأغراض سكنية أو خدمية، لكن يتم تعزيزها بجدران خرسانية مسلحة وأبواب فولاذية محكمة التهوية والإغلاق، لتستخدم كمساحة آمنة عند الضرورة.
أما الملجأ، فهو عادة ما يبنى في طابق التسوية أو القبو، ويكون مخصصا بالكامل للاستخدام في الحالات الطارئة، وتطبق عليه نفس معايير الحماية والسلامة الخاصة بالغرف المحصنة.
ويشير الدباس إلى وجود نوعين من الملاجئ العامة والخاصة، وفقا لما تحدده الأنظمة والكودات العالمية التي تضع معايير دقيقة تتعلق بالمواد المستخدمة، وسماكة الجدران، وأبواب الحماية، وأنظمة التهوية والإنارة، وحتى المساحة المطلوبة لتأمين الأفراد داخل المباني.
وفي هذا السياق، يشير إلى أن نقابة المهندسين تسعى، بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة، مجلس البناء الوطني، أمانة عمان، الجمعية العلمية الملكية، والمديرية العامة للدفاع المدني، إلى تحديث كودات البناء الأردنية بما يتوافق مع مستجدات الواقع الأمني، وتفعيل بند الملاجئ والغرف المحصنة ضمن المخططات الهندسية.
وفي ما يخص ما يمكن فعله في حالات الطوارئ، كالهجمات النووية أو الصاروخية، يشدد الدباس على أهمية تجهيز غرفة آمنة داخل كل بيت، حتى بشكل مؤقت، عبر تحديد غرفة ذات جدران مسلحة، وتأمينها بباب محكم، ووسائل تهوية وإنارة، إضافة إلى تجهيزها بوسائل النظافة والطعام والمياه، على أن تكون هذه الإجراءات جزءا من المخططات المعتمدة من النقابة والمكاتب الهندسية.
ويؤكد الدباس ان هناك نية لدى نقابة المهندسين عقد ورشة عمل موسعة بهذا الخصوص، تجمع جميع الجهات المعنية، للخروج بتوصيات واضحة ترفع إلى الجهات التشريعية والمانحة للتراخيص، مثل أمانة عمان الكبرى، وزارة الشؤون البلدية، والدفاع المدني، بهدف إدراج هذه التوصيات ضمن التشريعات الوطنية وتفعيل العمل بها.
التعامل مع الإنذارات وتوصيات السلامة
وفي ظل استمرار التوترات، أكد العميد الزعبي أن مركز الأزمات يتابع باستمرار التطورات الأمنية والطاقية والغذائية والصحية، مع التركيز على استقرار المستشفيات وجهوزيتها. وشدد على أن المواطن هو الحلقة الأهم في منظومة الأمن الوطني، داعياً إلى تعزيز الوعي المجتمعي، وعدم الانسياق وراء الإشاعات أو التهويل الإعلامي.
ويوضح أن التعامل مع حالات الطوارئ يتطلب التزام المواطنين بمواقعهم عند الإنذارات، وعدم التجمهر أو التوثيق، والابتعاد عن الأجسام الغريبة، والتوجه إلى الطوابق السفلية أو المناطق الآمنة.
ويؤكد الزعبي أن صفارات الإنذار لا تطلق إلا عند الضرورة القصوى، ولا توجد حاليا نية لتعطيل الحياة العامة أو إغلاق المدارس والجامعات، داعياً إلى الهدوء ومتابعة المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، وفي مقدمتها صفحة مركز الأزمات.