
خبير طاقة: دعم الحكومة للسخانات الشمسية المنزلية خطوة إيجابية لكن أثرها محدود

في خطوة تهدف إلى دعم الأسر ذات الدخل المحدود وتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة، أطلقت وزارة الطاقة والثروة المعدنية، بالتعاون مع صندوق الطاقة المتجددة البرنامج الوطني لدعم القطاع المنزلي بأنظمة السخانات الشمسية، بكلفة إجمالية تصل إلى خمسة ملايين دينار، مع تغطية نصف كلفة التركيب.
البرنامج الذي أعلن عنه وزير الطاقة صالح الخرابشة مؤخرا، يستهدف تركيب نحو 12 ألف سخان شمسي خلال أربع سنوات، في مختلف محافظات المملكة، ويعد امتدادا لجهود الصندوق في نشر استخدام الطاقة المتجددة في المنازل منذ عام 2015.
ورغم أهمية المشروع من حيث تخفيف الأعباء المالية على الأسر وتقليل الانبعاثات الكربونية، يرى خبراء أن محدودية عدد السخانات المستهدفة، وصعوبة شروط الاستحقاق المالي، قد تحد من فاعليته وأثره المنشود، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الفئات المستهدفة.
منذ انطلاق البرنامج في عام 2015، تم تركيب أكثر من 35,000 سخان شمسي في منازل المواطنين عبر مختلف محافظات المملكة، ويستهدف الصندوق تركيب 90,000 سخان شمسي خلال السنوات الخمس المقبلة، وفقا لتقديرات الوزارة.
البرنامج لا يغطي 1% من البيوت المستهدفة
رغم ترحيب خبير الطاقة والبيئة الدكتور أيوب أبو دية بخطوة الحكومة لدعم تركيب السخانات الشمسية للأسر ذات الدخل المحدود، إلا أنه يفتقر إلى الطموح الكافي ليشكل فرقا ملموسا على مستوى وطني.
ويوضح أبو دية في حديثه لعمان نت أن أحد الشروط الأساسية لنجاح هذا المشروع هو أن تكون السخانات المدعومة من نوع الأنابيب المفرغة وليس من النوع المسطح، إذ أن أداءها ينخفض بشكل كبير خلال فصل الشتاء، وهو الوقت الذي تكون فيه الحاجة للمياه الساخنة أكبر.
ورغم إعلان الحكومة نيتها دعم تركيب 12,000 سخان شمسي حتى عام 2035، إلا أن أبو دية يشير إلى أن هذا الرقم لا يشكل سوى نسبة ضئيلة جدا من إجمالي عدد المنازل في الأردن، والذي يقدر بنحو مليونين، مما يجعل النسبة المستهدفة أقل بكثير من 1%، وربما يكون هذا الرقم مرتبطا بالدعم الإيطالي المخصص للمشروع، والذي يبلغ 5 ملايين دينار، موضحا أن التجربة الأردنية مقارنة بدول أخرى تتمتع بمعدلات إشعاع شمسي مشابهة، مثل قبرص والنمسا، حيث تصل نسبة المنازل المزودة بسخانات شمسية إلى نحو 90% و60% على التوالي.
أما فيما يخص الدعم الحكومي الذي أعلنته الحكومة بنسبة 50%، فيرى أبو دية أن المشكلة لا تكمن في النسبة نفسها، بل في الشروط المطلوبة، منها أن يكون دخل الأسرة الزوج والزوجة معا لا يتجاوز 750 دينارا، وهو مبلغ يقل عن خط الفقر، فكيف لأسرة بهذا الدخل، والتي قد تكون مسؤولة عن إعالة عدة أطفال، أن تتحمل دفع 50% من ثمن السخان، علما بأن السخانات ذات المواصفات المعقولة لا يقل سعرها عن 600 دينار، مما يعني أن على الأسرة دفع 300 دينار، وهو مبلغ قد لا يكون متاحا لها.
ويقترح أبو دية حلولا بديلة، مثل تقسيط المبلغ على فاتورة الكهرباء، بدفع دينار واحد شهريا في هذه الحالة، ستدفع الأسرة 12 دينارا سنويا، مما يسهل عليها سداد المبلغ خلال خمس سنوات، مشيرا إلى ضرورة التفكير من جانب الأسر في مدى جدوى هذا الاستثمار، فالسخانات الشمسية توفر نحو 30% من فاتورة الكهرباء، وإذا افترضنا أن الأسرة تقع ضمن الشريحة الأولى من 1 إلى 300 كيلوواط ساعة شهريا، وتدفع حوالي 15 دينارا شهريا، فإن التوفير سيكون بحدود 4.5 إلى 5 دنانير في الشهر، أي ما يعادل 60 دينارا في السنة، و300 دينار خلال خمس سنوات، وهذا يجعل الاستثمار معقولا إذا كان الاستهلاك في هذا الحد، أما إذا كان أقل، فالعائد سيكون ضعيفا.
في هذه الحالة يشدد أبو دية على ضرورة وجود آلية واضحة لاختيار الأسر المستفيدة، بحيث تكون هذه الأسر قادرة فعلا على تحقيق استفادة ملموسة من السخان من حيث التوفير، وفي الوقت ذاته قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية إذ أن الأولوية بالنسبة لهذه الأسر غالبا ما تكون توفير الطعام والشراب.
تحديات تنفيذ المشروع
من التحديات التي قد تعيق نجاح تنفيذ المشروع بحسب أبو دية إعفاء الشقق السكنية الصغيرة أقل من 130 مترا مربعا من شرط تركيب السخان الشمسي، رغم أن الغالبية العظمى من الشقق السكنية في الأردن تقع ضمن هذا التصنيف، معتبرا ذلك كارثة تعيق تعميم استخدام الطاقة الشمسية.
كما يوضح إلى مشكلة توزيع المياه في الأردن، حيث قد يتسبب بعد المسافة بين السخان الشمسي والشقة خاصة في العمارات بهدر كبير للمياه قبل وصول الماء الساخن، مقترحا تركيب مضخات تدوير صغيرة كحل لهذا التحدي، على أن تتحمل كلفتها الشركات المتعاقدة مع وزارة الطاقة.
ويشدد على أهمية تركيب السخان بزاوية ميل لا تقل عن 60 درجة في فصل الشتاء، لضمان أقصى استفادة من أشعة الشمس العمودية، وهي اعتبارات فنية يجب عدم إغفالها في التصميم والتركيب.
الأثر البيئي والاقتصادي
رغم محدودية المشروع إلا أنه يساهم في تعزيز العدالة في توزيع الدعم الحكومي ويقلل الاعتماد على الكهرباء المولدة من مصادر أحفورية ملوثة، كما أنه يخدم التزامات الأردن تجاه الاتفاقيات البيئية الدولية، كاتفاقية باريس، ويعد خطوة في إطار التحول نحو الاستدامة البيئية والاقتصادية، بحسب أبو دية.
وفيما يتعلق بالأثار الإيجابية المتوقع من المشروع، يرى بأنه بيئيا يساهم بالتقليل من الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء من الغاز، أو اقتصاديا من خلال تقليل دعم الحكومة لفاتورة الكهرباء الخاصة بالفئات الأقل استهلاكا، مشيرا إلى أن الحكومة تتحمل كلفة كبيرة لدعم أسعار الكهرباء، مما يجعل التحول للطاقة الشمسية أكثر جدوى على المدى الطويل.
ويشدد أبو دية على أهمية توسيع نطاق المشروع، وتبني حلول تمويلية أكثر عدالة واستدامة، تمكن الأسر المستحقة فعليا من الاستفادة دون تحميلها أعباء مالية غير ممكنة، مؤكدا أن الأردن يمكن أن يحقق قفزة نوعية في مجال الطاقة النظيفة إذا تم التعامل مع المشروع برؤية استراتيجية شاملة.
شروط دعم السخانات الشمسية
تظهر بيانات وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني تبلغ حاليا نحو 29%، مع هدف لرفع هذه النسبة إلى 50% بحلول عام 2030 ، ويعد برنامج دعم السخانات الشمسية جزءا من هذه الجهود لتحقيق الأهداف الوطنية في مجال الطاقة المستدامة.
ووفقا لخطة البرنامج، سيتم التنفيذ بناء على الشروط والإجراءات المعلنة في الدليل الإرشادي لدعم السخانات الشمسية من خلال المنصة الإلكترونية المرتبطة بتطبيق "سند" الحكومي، وبما يضمن سهولة الوصول إلى الخدمة والاستفادة منها.
وكانت الوزارة صممت منصة إلكترونية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي، ترتبط مع "سند" لتمكين المواطن من التسجيل والحصول على الموافقة المبدئية في حال استيفاء الشروط والمعايير المطلوبة.
وبحسب الآلية، يختار المواطن الشركة المزودة للخدمة أو المقاول المنفذ لتركيب نظام السخان الشمسي، وتعطى الأولوية للمزودين أو المقاولين المحليين في المحافظة أو الإقليم، شريطة أن يكونوا ضمن قائمة الشركات المعتمدة لدى صندوق الطاقة، ويمكن الحصول على هذه القائمة من خلال النوافذ التمويلية أو عبر المنصة الإلكترونية.