تعديل قانون التنفيذ الشرعي... هل المراقبة الإلكترونية تحمي حقوق النساء والأطفال؟

الرابط المختصر

"هذا الخبر نزل علي كالصاعقة "، بهذه الكلمات تبدأ السيدة روان أم لفتاتين، حديثها عن التعديل الجديد لقانون التنفيذ الشرعي لسنة 2025، الذي يقترح استخدام المراقبة الإلكترونية كبديل عن الحبس في حالات ممتنعي النفقة.

بالنسبة لروان، ولآلاف النساء المستفيدات من النفقة، ويواجهن ذات الظروف هذا القرار ليس مجرد نص قانوني، بل قضية حياة لتأمين أطفالهم وحقوقهم الأساسية.

تروي روان كيف توقف زوجها عن دفع النفقة، وانتظرت طويلا أي قرار يضمن حقوقها وحقوق أطفالها، لكن حتى الآن لم يحدث أي تغيير ملموس، مضيفة "كنت أترقب القرار على أمل أن يضمن لنا حياة كريمة، لكن الواقع المؤلم أن الأطفال ظلوا بدون دعم مالي لفترات طويلة، ومعاناتهم اليومية مستمرة"، مشيرة إلى أن المراقبة الإلكترونية، رغم أنها تبدو حلا قانونيا بديلا، لكن لن توفر الردع الكافي لمن يمتنع عن الدفع، موضحة أن الأسوارة تراقب فقط، لكنها لا تلزم بالدفع، وهذا يعني أن الأطفال سيبقون فترة من دون نفقة، وستستمر معاناتهم المالية، وكأن القانون وضع لنا حدودا شكلية فقط.

تعاني روان أيضا من صعوبات شخصية وقانونية إضافية، موضحة بأنها كمطلقة، أنا من أتحمل عبء التبليغ ورسوم المحكمة والمصاريف كلها، ومع ذلك يبقى حق الأطفال غير مضمون، مضيفة أن طوال هذه السنوات، كنت أحاول تأمين تعليم ابنتي واحتياجاتها الصحية، لكن التعاون من والدها شبه معدوم.

 

التعديل الجديد: المراقبة الإلكترونية كبديل مؤقت

أقرت اللجنة القانونية النيابية مؤخرا مشروع قانون معدل لقانون التنفيذ الشرعي لسنة 2025، بعد إدخال التعديلات اللازمة واستئناس آراء الجهات ذات العلاقة، ويقضي التعديل بمنح المحكوم عليهم بالنفقات الأسرية مهلة محددة للسداد تحت الرقابة الإلكترونية كبديل مؤقت عن الحبس، مع الإبقاء على إمكانية الحبس في حال استمرار التخلف عن الدفع.

ويتيح التعديل لرئيس التنفيذ الشرعي إمكانية تطبيق الرقابة الإلكترونية على المدين، سواء قبل اتخاذ قرار الحبس أو بعده، على أن تحدد الشروط في نظام لاحق.

 ويأتي هذا التعديل ضمن أهداف المشروع لتبسيط إجراءات تنفيذ الأحكام الشرعية، وتسريع وصول الحقوق إلى المستحقين، وتقليل اللجوء إلى الحبس، ومنح المدين فرصة للعمل والكسب للوفاء بالتزاماته.

النائب بيان فخري المحسيري، عضو اللجنة القانونية، توضح في تصريحات سابقة أن القانون أبقى على حكم حبس المدين في قضايا النفقة وعدم إلغائه كليا أو استبداله بعقوبات بديلة كاملة، كما تم تحديد أن القاضي يمكنه تأجيل الحبس لفترة لا تتجاوز 60 يوما، ولمرتين فقط، لتوفير مهلة للمدين لتسديد النفقة تحت الرقابة الإلكترونية.

وزير العدل بسام التلهوني في تصريحات له خلال أولى جلسات اللجنة القانونية، يؤكد أن تجربة الرقابة الإلكترونية قابلة للتطبيق عمليا، خاصة بعد نجاح استخدامها في القضايا الجزائية، مشيرا إلى أن النص الجديد مُنضبط ولا يمس حقوق الدائنين، بل يهدف إلى التسهيل وإتاحة الفرصة للمحكوم عليه للوفاء بالتزاماته".

 

 

الانتقادات القانونية والاجتماعية

رئيسة جمعية دعم لتمكين المرأة المحامية مرام مغالسة، ترى أن المشروع جاء عاما ولم يتضمن منظومة متكاملة لتحفيز المدين على الوفاء بالتزاماته المالية، مؤكدة أن النص ركز على خيار واحد فقط، ولم يشمل آليات داعمة مثل برامج الإصلاح الأسري أو التأهيل لضمان تحصيل النفقة.

وتشير مغالسة إلى أن المستحقين يتحملون عبءا كبيرا عند رفع القضايا، مرورا بمراحل التقاضي والتنفيذ، مع أعباء الإثبات والرسوم والمصاريف، بينما يمكن للمدين طلب التسوية أو التقسيط، مما يمنحه فترة طويلة لتأجيل الدفع، بينما الأطفال يعيشون في معاناة يومية.

وتوضح أن الأسوارة الإلكترونية مصممة لمراقبة الجاني، لكن المحكوم عليه بالنفقة ليس مجرما، بل رب أسرة مسؤول عن رعاية أطفاله، والأسوارة لن تضمن الدفع ولن تحمي الأطفال من الحرمان.

ينص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي، مع التركيز على أن النفقة تشمل الاحتياجات الأساسية للمعالين من غير القادرين على الكسب، مثل المأكل والمشرب والعلاج، مما يجعلها ضرورة للبقاء على قيد الحياة.

مغالسة تؤكد أن القانون الحالي لم يتم طرحه بالشكل الأمثل على مؤسسات المجتمع المدني أو الجهات القانونية المعنية، وأن النصوص لا تضمن وصول النفقة بشكل فعال للمستحقين، ولا تغطي بدائل مثل الصندوق الخاص بالنفقة، مما يضع العبء الأكبر على النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.

تشير تقديرات وزارة العدل إلى أن نسبة النساء المستفيدات من النفقة اللواتي يعانين من تأخير التحصيل تصل إلى حوالي 65%، بينما تبلغ نسبة الأطفال الذين يتأثرون بشكل مباشر بما يقارب 70%، في حين أن نسبة مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل لا تتجاوز 16% خلال العقد الماضي، مما يزيد من اعتماد الأسر على النفقة كمصدر أساسي للمعيشة.