الشريدة: حرائق الغابات في الأردن مفتعلة بنسبة 95%
في ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات وحرائق الغابات في الأردن، حذّر رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية والباحث في الآثار والبيئة د. أحمد الشريدة من خطورة ما تتعرض له الثروة الحرجية في البلاد، مؤكداً أن نسبة 95% من الحرائق مفتعلة بفعل بشري، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وليس بفعل العوامل المناخية كما يُشاع أحياناً.
و قال الشريدة إن “الحرائق التي تشتعل في قلب الغابة، كغابات برقش ووادي الشامية، غالباً ما تكون متعمدة وبسابق إصرار، وذلك بهدف استغلال الأراضي لاحقًا أو للتجارة غير المشروعة بالحطب”.
وأضاف أن من الأسباب الشائعة أيضًا الإهمال أثناء التنزه، كترك النار مشتعلة تحت جذوع أشجار البلوط والسنديان بعد حفلات الشواء، مما يسبب اشتعال الحرائق لاحقًا. كما أشار إلى استخدام ما وصفه بـ"المناشير الصامتة"، وهي أدوات تقطيع غير مرئية، في أعمال تقطيع الأشجار بعيدًا عن أعين الرقابة.
وشرح الشريدة أن نسبة الغطاء الغابي في الأردن لا تتجاوز 1% من مساحة البلاد، وهو رقم “مقلق للغاية” في ظل الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية. وأكد أن الحرائق لا تدمّر فقط الأشجار بل تقضي على النباتات الطبية، البادرات، المراعي، ومواطن الطيور والحيوانات البرية، مما يخلّ بالتوازن البيئي ويهدد التنوع الحيوي في البلاد.
كما شدّد على ضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة لحماية الغابات، مثل الطائرات المسيّرة (درون)، وأبراج مراقبة مزودة بكاميرات، وتقنيات الاستشعار عن بعد للكشف المبكر عن الحرائق أو التعديات.
وفيما يتعلق بإعادة تأهيل الغابات، قال الشريدة إن الغابة تستطيع أن تتجدد ذاتيًا، لكن ذلك يعتمد على معدلات الأمطار السنوية. وأثنى على جهود وزارة الزراعة في زراعة أشجار وطنية مثل الخروب في لواء الكورة، مشيرًا إلى ضرورة الابتعاد عن زراعة الأنواع الغازية مثل الأكاسيا التي أُدخلت في ستينيات القرن الماضي.
وأشار إلى مبادرات بيئية مبتكرة مثل "كرات الأرض"، حيث تُوضع بذور الأشجار المحلية داخل كرات طينية يتم توزيعها في المساحات الفارغة خلال جولات المشي في الطبيعة، لتنبت لاحقًا بشكل طبيعي بعد هطول الأمطار.
وفي ختام حديثه، طالب د. الشريدة بتغليظ العقوبات على المعتدين وتفعيل الدور الرقابي لوزارة الزراعة والأجهزة الأمنية، مؤكدًا أن “ما هو أخطر من الحرائق هو التلوث البلاستيكي الناتج عن نفايات المتنزهين، والذي يخنق الغابات بصمت ويؤثر على قدرتها على البقاء”.
رسالة د. الشريدة كانت واضحة: الغابة ليست فقط مجموعة أشجار، بل هي رئة الوطن، وواجب حمايتها يقع على الجميع—الحكومة، المجتمع المدني، والمتنزهين أنفسهم.











































