التحديات التي نأمل أن تتعامل معها نقابة الصحفيين بجدية

داود كتاب
الرابط المختصر

نهنئ نقيب الصحفي الزميل طارق المومني ونائب النقيب الزميل عوني الداود وباقي أعضاء الهيئة الإدارية على حصولهم على ثقة الهيئة العامة للنقابة. ونأمل أن يتم التعامل بجدية مع العديد من المشاكل التنظيمية والإدارية ضمن النظام والسياسات والأعراف الناتجة عن سنوات من العمل بطريقة مغلقة على الكادر الصحفي الواسع في الأردن.

 

ورغم المطالبات المقدمة من خريجي الصحافة للانضمام إلى النقابة، ومع احترام تلك المطالبات، إلا أنني أعتقد أن الأولويات الأكثر أهمية والتي تحتاج إلى معالجة سريعة تكمن في التعامل الإيجابي مع جيش الصحفيين العاملين في مهنة المتاعب، والذين لا يزالون خارج النقابة لأسباب غير قانونية أو تنظيمية، بل بسبب العقبات الموضوعة وتأجيل التعامل مع طلبات الانتساب التي مرّ بعضها سنوات دون معالجة.

 

من المعروف عالميًا وعلى المستوى النقابي أن قوة أي نقابة تكمن في تمثيلها الواسع للقطاع الذي تعمل فيه. لكن من خلال التجارب والمتابعة خلال العقود السابقة، فإن نقابة الصحفيين الأردنية تُعَدّ من النقابات المهنية التي تضع الصعوبات للانضمام بدلًا من أن توسع رقعة التمثيل، وترحب وتشجع الصحفيين على الانضمام.

 

قد تكون بعض الصعوبات ناتجة عن التغيير الكبير الذي يشهده العالم، والذي وسّع من أنواع وأشكال وسائل الإعلام. كما يعكس الخلط غير الصحي بين المؤسسات الإعلامية والصحفيين، حيث يتم وضع عراقيل أمام الصحفيين للانضمام بناءً على أن مؤسساتهم الصحفية غير متجاوبة مع هذا المطلب أو ذاك. فما هو المنطق في معاقبة زميل أو زميلة على أسس غير متعلقة بعملهم؟ بالعكس، فإن ضم الصحفي للنقابة قد يساعد على حل أي إشكال – إن وجد – للمؤسسة الصحفية.

 

وهناك إشكاليات أخرى مرتبطة بموضوع الإعلام والصحفيين، أبرزها وجود الإعلام الإلكتروني. فمن ناحية، تعامل الدولة الأردنية الصحف الإلكترونية كما تعامل الصحف الورقية، إلا أن النقابات السابقة استمرت في التعامل مع الصحفيين الإلكترونيين بحذر، ووضعت عراقيل أمام انضمامهم، مما أسفر عن وجود مئات الصحفيين العاملين في الصحافة الإلكترونية، الذين يعتاشون من عملهم الصحفي، بينما هم خارج غطاء النقابة. فما هو ذنب الصحفي الإلكتروني إذا كانت النقابة ترفضه؟ خاصة أن النقابة تُصر على أنها البيت الوحيد للصحفيين. لذلك، ينبغي إما قبول الصحفيين الإلكترونيين أو السماح لهم بتشكيل نقابة أو تجمع خاص بهم.

 

بالإضافة إلى العاملين بشكل كامل في العمل الصحفي، هناك صحفيون يعملون مع عدد من المؤسسات الصحفية بشكل مستقل (freelance)، ويتم أيضًا حجب مشاركتهم. في المقابل، نرى العديد من النقابات الصحفية، مثل نقابة فلسطين، تفتح الباب أمام من يعمل فعليًا ويتلقى مخصصات مالية من وسائل الإعلام. يمكن الاتفاق على معايير تُثبت أن المتقدم يعمل مع حد أدنى من المؤسسات الإعلامية، ويحصل على مخصصات مالية مقابل عمله.  

 

كما أن هناك مهن إعلامية غامضة من حيث طبيعتها، مثل المصور الصحفي، مساعد المصور، مؤلف المونتاج، والصحفي المتخصص (رياضة، إعلام مجتمعي، علوم، بيئة، صحافة دينية، وغيرها)، والتي لا يتم تمثيل العاملين فيها في النظام الحالي للنقابة. وقد زاد الإعلام المرئي والمسموع من عدد الصحفيين العاملين في الإذاعات والتلفزيونات المحلية والدولية، وغالبيتهم خارج مظلة النقابة.

 

إضافةً إلى هذه الفئات، هناك الصحفيون العرب والأجانب المقيمون في الأردن، الذين لا يمتلكون جسمًا تمثيليًا.

 

بعض ما تم ذكره قد يصعب تعديله، ولكن النقابة لا تستطيع الادعاء بأنها تمثل كل الصحفيين في الأردن بينما تمنع البعض من المشاركة ولا تسمح لهم بتشكيل جسم يتابع أوضاعهم ويدافع عن حقوقهم.

 

يمر الأردن والإقليم والعالم بتغييرات كبيرة في مجال الصحافة والإعلام، ولكننا لا نرى معالجة فعلية في عمل ونظام وتشريعات الإعلام. بعض هذه الأمور يمكن معالجتها من خلال اللوائح الداخلية للنقابة، والبعض الآخر يتطلب كسب تأييد المشرّع الأردني لتعديل التشريعات الإعلامية، للتعامل مع التعددية الإعلامية الحالية ودخول عالم الإعلام الرقمي.

 

إضافة إلى موضوع عضوية النقابة، هناك أمور بحاجة إلى معالجة فورية، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، والذي لا يفرق بين مواطن وصحفي سواء كان عضوًا في نقابة الصحفيين أم لا. هل يُعقل أن المادة الصحفية المنشورة إلكترونيًا يتم توقيف الصحفي عليها، بينما نفس المادة إذا نشرت ورقيًا لا يحق للمدعي العام توقيف الصحفي عليها؟ هناك ضرورة للعمل الجاد لضمان حرية التعبير، والتوقف الكامل عن توقيف الصحفي فيما يتعلق بما ينشره، وهو أمر أصر عليه جلالة الملك عبد الله في أكثر من لقاء.

 

مرة أخرى، نتمنى لنقابة الصحفيين التوفيق والشجاعة في تحمل المسؤولية الجسيمة التي تقع على عاتقها، آملين أن يتم الحوار الجاد مع كافة الأطراف ذات العلاقة، لإيجاد حلول عملية ومناسبة للتعامل مع كافة التحديات التي تواجه الصحفيين.