الإصلاح السياسي...هل ذهب مع الريح!
تزخر الذاكرة السياسية الأردنية بخطط ومشاريع إصلاحية كان أخرها ملتقى كلنا الأردن والأجندة الوطنية....
التي لم تخرج توصياتها من أدراج الحكومة حتى الآن، على الرغم من الهالة الإعلامية التي أحيطت بها.
ويبدو ان مشروع الإصلاح في الأردن بحاجة لعراف ماهر ليحل لغز "التعويذة السحرية" التي تقف عائقا في وجه المشاريع والخطط الإصلاحية التي لم تخرج من مهدها في بعض الأحيان.
ويطرح لشارع الأردني العديد من الأسئلة حول السياسات التي تتبناها الحكومات المتعاقبة، خصوصا بقضايا الإصلاح، والوعود بتنفيذها، مما أفقد الحكومات مصداقيتها لدى الشعب الأردني، الأمر الذي تسبب بحالة من الإحباط لدى قطاعات واسعة من الشعب الأردني والعاملين في العمل الوطني العام على مختلف مستوياته.
لكن حكومة معروف البخيت ترى أنها التزمت بمراجعة شاملة للتشريعات الناظمة للحياة السياسية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية إذ قال رئيس الوزراء في احد مؤتمراته " دفعت الحكومة بجملة من التشريعات والقوانين الهامة الى مجلس الأمة، فخلال الدورة الاستثنائية التي استمرت 45 يوما فقط دفعت الحكومة ب 42 قانونا تم إقرار 28 منها".
وأضاف.. "خلال ولاية هذه الحكومة تم انجاز ما يقارب 100 قانون لتشكل 8 بالمائة من مجمل القوانين السارية في المملكة وهي أعلى نسبة يسجلها مجلس الأمة منذ استئناف الحياة الديمقراطية في المملكه وقال البخيت..ان الحكومة أوفت بالتزامها بتقديم قانون أحزاب متطور الى مجلس الأمة من شأنه إنعاش الحياة الحزبية وتوسيع قاعدة المشاركة..مشيرا الى ان بعض المآخذ التي يتم تسجيلها من البعض يمكن العمل عليها بشكل ديمقراطي".
ويرى وزير التنمية السياسية السابق د. صبري ربيحات ان وقف التدهور في بعض الأحيان إصلاح ويقول " يمكن ان تصلح على الورق، الحكومة عندما تقدم بيانا لسياساتها فهي تقدم رؤية للإصلاح وهذا محكوم بالعوامل عديدة ككيفية ان يتفاعل المجتمع والمؤسسة التقليدية، أنا في تصوري نحن في الأردن لا زال هناك اتجاهين اتجاه إصلاحي هو اتجاه التغيير واتجاه يحذر من التغيير ويدعو الى المحافظة أحيانا يتقدم الطرح الإصلاحي لكن يأتي ممن يحذر من هذه السرعة في الإصلاح والأمر سجال بين قوتين".
ويتابع ربيحات "دائما يتحدثون عن الأجندة الوطنية كأنها وصفة سحرية الأجندة الوطنية ما لم يصل الى الناس أنها تصور كلي لكل التحديات التي توجه الأردن والموارد الأردنية وكيفية التعامل معها لعشرة سنوات، الأجندة خطة طويلة الأمد الحكومات لا تستطيع ان تهضم الأجندة وتقول أريد تنفيذها في الحال. تستطيع البرامج الحكومية ان تقضم ما تستطيع هضمه ضمن موازنتها السنوية وضمن برنامجها السنوي" .
ويرى رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم طاهر العدوان ان طريق للإصلاح هو "طريق القوانين". ويزيد "أي ان يكون هناك قوانين إصلاحية تقدم للبرلمان أهم هذه القوانين الانتخابات الأحزاب الصحافة كل ما كانت هذه القوانين ديمقراطية كلما كان هناك إصلاح حقيقي، العقلية الأردنية التي تتحدث عن الإصلاح السياسي منذ 89 عليها ان تجد الطريقة والوسيلة لإيجاد قانون انتخابي يمكن اكبر قدر من المشاركة من القوى والفعاليات التي يمكن ان تساعد في التنمية السياسية".
ويلقي رئيس مجلس شورى العمل الإسلامي حمزة منصور باللوم على قوى الشد العكسي في تعثر مسيرة الإصلاح "هناك قوى شد عكسي لا تريد الإصلاح في البلد وللأسف هذه القوى هي قوى تحاصر صاحب القرار وتقدم بين يديه توجهاتها في الوقت الذي نرى فيه من حولنا يتقدم خطوات الى الأمام وقد كنا نسبق من حولنا في توجهاتنا الديمقراطية الشورية. للأسف نحن نتقهقر الى مرحلة اسواء مما كانت عليه في مرحلة الأحكام العرفية حيث بات كل مراقب وكل محلل وكل حريص على هذا الوطن".
ويتابع " لا توجد إرادة حقيقة للإصلاح بل هناك إرادة حقيقة لتكريس الفساد و الانحراف في مسيرة هذا الوطن، فالحكومات المتعاقبة وأصحاب القرار يضربون عرض الحائط بإرادة الشعب الأردني، فإفراز الشعب الاردن لا يعجب أصحاب القرار في بلدنا هم يريدون ان يشوهوا صورة شعبنا، كلنا باستمرار نلح ان نقطة الابتداء هي إصلاح الخلل الذي يوم فرض على شعبنا قانون الصوت المجزوء وحينما كانت تتحدث الحكومة عن قانون أحزاب كنا نقول لا نحتاج لتعديل لقانون الأحزاب، نحن نريد ان نغير قانون الانتخاب لنأتي بمجلس يمثل الشعب الأردني، فالمجلس الحالي بصورته الحالية مع احترامنا لأعضائه وبالطريقة التي تعامل بها مع قانون الأحزاب هو صورة مكرره عن الحكومة بل يزايد على الحكومة في مصادرة إرادة الشعب وتكميم الأفواه لااصلاح في هذا الوطن ما لم نصل الى قانون إصلاح عصري يفرز الممثلين الحقيقيين للشعب الأردني".
القوانين الناظمة للحياة السياسية و الإصلاح....
ويشكل قانون الانتخاب على الدوام عقدة الحياة السياسية والبرلمانية وكان محل خلاف دائم بين الحكومات والقوى الاجتماعية والسياسية. فلاعتبارات سياسية وأمنية خضع القانون دائما لتغييرات جوهرية منذ عام 1989 حتى خرج بصورته الحالية " الصوت الواحد" الذي يعتبره البعض العائق الأساسي في وجهة الإصلاح المنشود.
وحول هذا يقول الكاتب طاهر المصري " شكل قانون الانتخابات ليس المشكلة، يجب ان ننظر الى المنتوجات عندما نشعر ان هنالك عدم مشاركة من قطاع كبير من الناس تكون هناك مشكلة! وعدم نجاح النواب بتشكيل كتل برلمانية تصل الى البرلمان وتشكل كتل يمين أو يسار الحاصل ان التكتلات تكون على أسس مصلحيه أيضا مشكلة . نحن نريد تطوير القوانين بحيث يكون عندنا قانون انتخاب قادر على جذب اكبر عدد من الناس، يمكن ان تنظر الى القانون الحالي وتجد صناديق انتخابات وشفافية لكن منتج هذا القانون والطريقة التي تتم فيها عملية الانتخابات والترشيح تحتاج الى تفكير لا نرى مجموعات تدخل بناءا على برامج تتعهد بها أمام الجمهور باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي".
حزبيا يقول أمين عام حزب الوطني الدستوري د. احمد الشناق " القوانين التي تصاغ في الإصلاح السياسي هي مخالفة تماما لما ورد في الأجندة الوطنية و كلنا الأردن ومخالف لروح الميثاق الوطني الذي توافقت عليه كل القوى السياسية في الحقيقة لا نعرف كيف تخرج هذه القوانين التي لا نرى فيها إلا التقييد والتضييق على الحركة السياسية".
ويتابع "الأمر المحير في هذه القوانين التي أصبحنا نشهدها مؤخرا التي في بعضها شبهة عدم الدستورية التي تعتبر ردة عن الانجاز في الحياة السياسية في الأردن في الخمسينات كان عشر أشخاص يشكلو حزب الآن تحتاج الى 500 شخص علاوة على بنود القانون التي قائمه على بنود التجريم يعني إذا نقص عدد الأعضاء حل الحزب يعني فلسفة القوانين كأنها قوانين عقوبات، سئمنا من المقولات الحكومية انه لا برامج عند الأحزاب وأحيانا العدد كبير هذه تعبيرات شعبية، كل عشرة أشخاص مادام ملتزمين بالدستور ويعملوا وفق أحكام القوانين النافذة هذا حق الناس اسمه قانون الأحزاب هو قانون حرية وحق دستوري أصيل، القوانين التي تصدر بحجة الإصلاح نقرأ في جوهرها قوانين لتقزيم لهذا الوطن والشعب وتقزيم للدور الأردني المنشود، نحن نطالب بالصلاح أخشى ان لا ندخل في المطالبة بحكومات الأنقاض".
وحول القانون الأكثر جدلا - قانون الانتخاب- يقول د. صبري ربيحات "حق الانتخاب مكفول لكل الأردنيين ولا يوجد عائق بان ينتخبوا الناس لكن كيف ينتخبوا وأسس الانتخاب قضية جدلية يوجد في العالم 102 شكل من أشكال الانتخاب أحيانا لغتنا قاسية نتحدث عن تراجع عن قانون انتخاب. قد أكون من الناس غير المرتاحين لمخرجات قانون الصوت الواحد لكن هذا القانون يكفل للأحزاب الواثقة من نفسها ان تخرج حجمها في الشارع الى مجلس النواب. لذا يجب ان لا نلقي بكل التبعات والنتائج غير المرضية على قانون الصوت الواحد، نحن نتطلع لوجود قوانين يقرها غالبية الناس ما لا يرضى عنه البعض قد يكون الحل عند بعض الآخرين".
ويرى البعض ان المرحلة القادمة ستكون مرحلة يتربع فيها الملف الأمني على سلم أولويات الحكومة على الرغم من "الواجهة الديكورية الإصلاحية" التي وضعتها الحكومة من خلال إقرار بعض القوانين مثل البلديات والأحزاب الذي لم يخلو أيضا من بعض البنود الأمنية المقيدة للحياة الحزبية خصوصا فيما يخص التمويل، ويرى البعض ان خطة الحكومة لمكافحة الفقر أيضا هي عملية " لذر الرماد في العيون" فقد كان الرئيس واضحا كل الوضوح عندما أعلن في رده على خطاب التكليف السامي بأن حكومته "ستمضي قدما في الحرب الوقائية على الإرهاب وثقافة التكفير'.
ويعلق العدوان على هذا الطرح ويقول" لا اعتقد ان حكومة البخيت حكومة امنية او حتى أي حكومة سبقتها في النظام الاردني المؤسسة الامنية معروفة ومستقلة. لكن هناك جدل كان يدور في السنوات الأخيرة انه هل يجوز الإسراع في الإصلاح او تقديم الإصلاح على ضرورة الامن لان الوضع الاقليمي خطير كون الأردن يتوسط العراق وفلسطين لا يوجد عاقل لا يقول ان الامن هو الإستراتيجية الأولى. لكن هناك اطروحه اخرى تقول ان عملية الإصلاح تساعد الأجندة الأمنية وهي احدى الوسائل المضمونة لان يكون الاستقرار دائم لان الامن هو قاعدة الاستثمار والإصلاحي السياسي".
ملفات عديدة وضعت على أجندة الرئيس معروف البخيت عندما شكل حكومته في 27 تشرين ثاني 2005، من أبرزها تسريع وتيرة الإصلاح بكافة جوانبه وخصوصا الاقتصادي والسياسي- اللذان تبلورت معالمها في لجنتي الأجندة والأقاليم- الموروثتين عن حكومة فيصل الفايز.
وتعهدت الحكومة في حينها بتسريع وتيرة الإصلاح من خلال انجاز ثلاثة قوانين على وجه السرعة هي الانتخاب والأحزاب والبلديات، وأعلن رئيس الوزراء في رده على خطاب التكليف انه سيشكل على الفور لجانا وزارية لهذه الغاية.











































