
"لابوبو": هوس عالمي على وسائل التواصل الاجتماعي

اجتاحت دمى "لابوبو" الأسواق العالمية، محققة شهرة واسعة وتحولت إلى هوس عالمي، خاصة بين الشباب ومحبي جمع الدمى. هذه الدمى، التي تتميز بتصميمها الغريب والمميز، أصبحت رمزًا للموضة والثقافة الشعبية، مما أثار اهتمامًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.
ما هي دمى "لابوبو"؟
"لابوبو" هي دمى مبتكرة صممها الفنان هونغ كونغي كاسينغ لونغ، بالتعاون مع شركة "بوب مارت" الصينية المتخصصة في الألعاب القابلة للجمع. تتميز هذه الدمى بعيونها الكبيرة، وابتسامتها العريضة، وآذانها المدببة التي تشبه آذان الأرنب، مما يمنحها مظهرًا يجمع بين البراءة والغرابة. تمثل "لابوبو" شخصية وحشية أنثوية مستوحاة من الحكايات الخرافية الإسكندنافية، وقد أُطلقت لأول مرة في عام 2015 كجزء من سلسلة "الوحوش".
وهي سلسلة من الدمى الصغيرة القابلة للتجميع التي اكتسبت شعبية هائلة في السنوات الأخيرة، خاصة في آسيا ثم بدأت بالانتشار عالميًا. الشخصية الأيقونية في هذه السلسلة هي لابوبو نفسها، وهي مخلوق صغير ذو أسنان مدببة قليلاً وأذنين طويلتين. غالبًا ما يظهر لابوبو بملابس وأزياء مختلفة.
من قصص الأطفال إلى صناديق الكبار
صُممت "لابوبو" بالأساس كشخصية في كتب مصورة مستوحاة من الأساطير الإسكندنافية، لكن تصميمها الذي يمزج بين البراءة والغموض -بأذنين ناعمتين وأسنان حادة- فتح لها بابا نحو جمهور مختلف تماما. إذ لم يكن طريق الشهرة ممهدا عبر حملات تسويقية موجهة للأطفال، بل عبر ظهورها في أيدي نجوم كبار مثل ليسا من فرقة "بلاك بينك" (BLACKPINK) وريانا، اللتين شوهدتا مع دمى لابوبو تتدلى من حقائبهما الفاخرة، مما دفع ملايين المتابعين إلى اقتنائها.
"لابوبو هي طفلي"، قالتها ليسا في مقابلة مع (Teen Vogue)، لتشعل موجة شغف عالمية.
دمى لابوبو تتدلى من حقائب المشاهير الفاخرة (غيتي إيميجز)
أرقام فلكية وسوق متفجر
تباع دمى لابوبو في شكل "صناديق عشوائية" (Blind Boxes)، حيث لا يعرف المشتري أي دمية سيحصل عليها حتى يفتح العبوة. تتراوح أسعارها في المتاجر الآسيوية ما بين 13 و16 دولارا، لكنها تُباع حاليا على مواقع مثل "ستوك إكس" (StockX) و"إي باي" (eBay) بأسعار تفوق التصور.
بعض النماذج الشهيرة تُعرض بسعر 300 دولار، أما الإصدارات النادرة قد تصل إلى 1580 دولارا على موقع "بوب مارت" (Pop Mart).
بينما نموذج "سيكريت" (Secret) النادر جدا، الذي تبلغ احتمالية ظهوره 1.4% فقط، يُعرض في مزادات إلكترونية مقابل 1920 دولارا.
في حين تباع نسخة "بيغ انتو إنيرجي" (Big Into Energy) على متجر أمازون بسعر 167 دولارا للعلبة، أو 101 دولار للدمية الفردية.
وهذا ما يدفع كثيرين للوقوف في طوابير تمتد لساعات -بل أيام- على أمل الفوز بدمية نادرة أو حصرية.
دمى لابوبو تباع في شكل "صناديق عشوائية" حيث لا يعرف المشتري أي دمية سيحصل عليها حتى يفتح العبوة (شترستوك)
صناعة تسويقية محكمة
اعتمدت شركة "بوب مارت" على إستراتيجية تسويقية ذكية قائمة على الإصدارات المحدودة والندرة، كما حدث مع دمى "بيني بيبيز" (Beanie Babies) في التسعينيات. كل دفعة جديدة تصدر بعد حملة تشويقية، ثم تُسحب بسرعة من الأسواق، مما يرفع الطلب بشكل كبير ويحوّل سوق المقتنيات إلى جزء أساسي من إستراتيجية الشركة.
لكن اللافت في ظاهرة لابوبو أنها ليست موجهة للأطفال، بل للبالغين. تتصدر صورها حسابات مشاهير الموضة، وتناقشها مجلات الرجال مثل "جي كيو" (GQ) كإكسسوار فاخر في حقائب الرجال. على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، وتحصد مقاطع فتح الصناديق ملايين المشاهدات، وتُستخدم وسوم مثل #Labubu لتوثيق مجموعات منسقة بعناية، وغالبا مزودة بأحذية بلاستيكية (تباع بـ22 دولارا) وملابس مصممة خصيصا.
لماذا لابوبو الآن؟
تفسّر الأكاديمية الأميركية غوزدي غونكو بيرك لصحيفة الغارديان الأميركية هذه الظواهر بقولها إن الصيحات لا تنشأ من فراغ، بل تعبّر عن قلق ثقافي، وتحولات تكنولوجية، ورغبات مشتركة يصعب التعبير عنها، لكن يسهل التعلق بها. في عالم يعج بعدم اليقين والاستهلاك المفرط، توفر دمية واحدة ذات وجه وحش عزاء عاطفيا ومهربا إلى طفولة مفقودة. "ربما تمثل لابوبو وهم البساطة الذي نحاول أن نتمسك به أمام تعقيدات حياة الكبار".