مراجعة مسلسل Wednesday الموسم الثاني: ظلام أعمق ونضج سردي يختبر نجاح الظاهرة
عاد مسلسل Wednesday في موسمه الثاني محمّلاً بتوقعات عالية، بعد أن تحوّل موسمه الأول إلى واحدة من أكبر ظواهر نتفليكس خلال السنوات الأخيرة. الموسم الجديد لا يحاول تكرار النجاح بالوصفة ذاتها، بل يختار طريقاً أكثر قتامة وتعقيداً، واضعاً شخصية وينزداي آدامز أمام اختبارات نفسية وسردية تتجاوز حدود المدرسة الغريبة التي شكّلت مسرح الأحداث سابقاً.
منذ الحلقات الأولى، يتضح أن الموسم الثاني يغيّر نبرته العامة. القصة لم تعد تكتفي بلغز مركزي واحد، بل تتشعّب إلى عدة مسارات تتقاطع داخل أكاديمية نيفرمور وخارجها. وينزداي تعود وهي أقل ثقة بقدراتها الخارقة، وأكثر شكاً في محيطها، ما يخلق حالة توتر دائم بين الشخصية والعالم الذي اعتادت السيطرة عليه ببرودها المعهود. هذا التحول يمنح العمل عمقاً درامياً أوضح، لكنه في الوقت نفسه يرفع من تعقيد السرد ويضع المشاهد أمام أحداث تحتاج إلى انتباه وصبر.
أداء جينا أورتيغا يظل العمود الفقري للمسلسل. في الموسم الثاني، لا تكتفي بتجسيد السخرية والبرود اللذين اشتهرت بهما الشخصية، بل تكشف عن طبقات جديدة من الهشاشة والغضب المكبوت. وينزداي هنا أقل استعراضاً، وأكثر إنسانية، وهو خيار جريء قد لا يرضي جميع محبي النسخة الأولى، لكنه ينسجم مع فكرة النضج والتطور النفسي التي يحاول العمل ترسيخها.
الإخراج يميل بوضوح إلى تعزيز عناصر الرعب والغموض. المشاهد أصبحت أكثر ظلمة، والتهديدات أكثر واقعية، مع تقليل الاعتماد على الطابع الكرتوني الذي كان حاضراً سابقاً. هذا التحول يمنح الموسم ثقلاً بصرياً، لكنه أحياناً يبطئ الإيقاع، خاصة في الحلقات الوسطى التي تنشغل بترتيب الخيوط الدرامية بدلاً من دفع القصة إلى الأمام.
على مستوى الشخصيات الثانوية، يحاول الموسم توسيع أدوار عدد منها، إلا أن النتيجة جاءت غير متوازنة. بعض الشخصيات نالت مساحة جيدة أسهمت في إثراء العالم الدرامي، بينما بدت شخصيات أخرى وكأنها موجودة لخدمة الحبكة فقط دون تطور حقيقي. هذا التفاوت جعل بعض الخطوط السردية أقل تأثيراً، خاصة عند مقارنتها بالكثافة التي حظيت بها شخصية وينزداي نفسها.
أحد أكثر القرارات إثارة للجدل كان تقسيم الموسم إلى جزأين. هذا الخيار أضعف الزخم السردي في نظر كثيرين، إذ فقدت القصة تدفقها الطبيعي، وتحولت بعض نقاط الذروة إلى لحظات مؤجلة بدلاً من كونها ذروات مكتملة. ومع ذلك، أتاح هذا التقسيم مساحة أوسع لبناء الأجواء وتعقيد الصراعات، وهو ما قد يُحسب للمسلسل على المدى الطويل.
في المحصلة، يقدم الموسم الثاني من Wednesday تجربة أكثر نضجاً وأقل استعراضاً من سابقه. هو موسم يراهن على التطور النفسي والدرامي بدلاً من الاعتماد على عنصر المفاجأة فقط. قد لا يمتلك الصدمة الأولى التي صنعها الموسم الأول، لكنه يعوّض ذلك بمحاولة جادة لتثبيت المسلسل كعمل طويل النفس، لا كظاهرة عابرة. إنه موسم سينال إعجاب من يبحث عن عمق أكبر، وقد يخيّب من كان ينتظر تكرار السحر ذاته بلا تغيير.











































