
د. مهند العزة
السبت الماضي مر 30 عاماً على المناظرة الكبرى التي خاضها االمفكر الكبير الراحل فرج فودة في الثامن من كانون الثاني/ياناير 1992 في معرض القاهرة الدولي للكتاب والتي كانت سبباً في أن تمتد يد أمي آثم لم يعرف القراءة والكتابة لتزهق روحه الطاهرة بناءً على فتاوى وتحريض من أمراء الدم، فتطوع «عبد الشافي رمضان»
كان يوم أمس عرساً تطرفياً بامتياز، تجلت فيه حقيقة التوجه المسيطر على مستويات صنع القرار حينما تم مناقشة مقترح تعديل المادة )84) من الدستور التي تمنح حصانةً إجرائيةً للتشريعات الناظمة للحياة السياسية وتنظيم السلطة القضائية باشتراط ضرورة موافقة ثلثي أعضاء كل من المجلسين الحاضرين عوضاً عن أكثرية
منذ أن هوى نجم الإعلام الاحترافي في مصر مع رحيل جهابذته أو منعهم من مزاولته بقرار سياسي أو تلون بعضهم وركوبهم الموجة السائدة أو اعتزال آخرين آثروا الكرامة والسلامة لمّا وجدوا المجال برمته قد تحول إلى سوق يباع فيه الهوا على الكيف والهوى، أصبح الإعلام مهنة السوقة من المتسلقين والعنصريين والمطبلين
حينما خرجت مظاهرات مارس/آذار 1954 في مصر بتحريض وتحضير من مؤيدي الرئيس جمال عبد الناصر مطالبةً بسقوط الديمقراطية والحرية نكايةً باللواء محمد نجيب ومناصريه الذين سعوا إلى إعادة الحياة الحزبية إلى مصر، ظن البعض أن تلك المظاهرات سجلت المقياس الأدنى الذي يمكن أن تصل إليه الشعوب المغيبة انحداراً في قيمها
في تسعينيات القرن الماضي بلغت موجة أو موضة اعتزال الفن لأسباب دينية ذروتها بعد أن كانت قد بدأت في بواكير الثمانينيات بإعلان الفنانة شمس البارودي اعتزالها وارتدائها الحجاب ثم النقاب ثم الاكتفاء بالحجاب، لتتوالى بعد ذلك سلسلة الفنانات المعتزلات مثل سهير البابلي ونورة وشادية ومديحة كامل وشهيرة وهناء
يصر أصحاب بيعة العقول ممن أقسموا عهد الولاء لكل نداء يقدس البغضاء والإقصاء، وأعلنوا البراء من كل قيمة تحترم غريزة التفكير وتعترف بحرية الرأي والتعبير؛ على إحياء ذكرى المبايعة والتنازل عن حق الملكية الفكرية لضمائرهم ووجدانهم لمن اشتراها بثمن بخس؛ كلمات معدودات تتردد عن العود المحمود للمجد المفقود،