%19 نسبة البطالة بين مهندسي الاردن

الرابط المختصر

 أكد نقيب المهندسين المهندس عبدالله عاصم غوشة أن نسبة البطالة بين المهندسين تصل إلى 19 % وفق دراسات النقابة، معظمها في التخصصات التقليدية التي باتت مشبعة أو راكدة، في مقابل توجه متزايد نحو تخصصات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، ما يستدعي إعادة النظر في سياسات التعليم والتوجيه المهني لضمان التوازن بين العرض والطلب.
وبين غوشة أن عدد المهندسين المسجلين في النقابة بلغ أكثر من 200 ألف، يقيم نحو 175 ألفا منهم داخل المملكة، ونصفهم تقريبا ملتزمون بتسديد الرسوم السنوية، وهي نسبة تُعد من الأعلى عالميا قياسا بعدد السكان، إذ يوجد مهندس واحد لكل أربعين مواطنا ، بحسب الغد.
وأشار إلى أنه ورغم الدور الحيوي الذي تؤديه منظومة التعليم الهندسي في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن السوق يعاني من عدة تحديات، أبرزها بحسب غوشة، تشبع التخصصات التقليدية مقابل محدودية فرص العمل، خصوصا في القطاع العام، وارتفاع معدلات البطالة، وفجوة المهارات التقنية والرقمية والسلوكية مثل الاتصال والعمل الجماعي والابتكار.
وأكد ضعف مواءمة البرامج الأكاديمية للتحولات الاقتصادية، إذ تفرض الرقمنة والطاقة المتجددة والابتكار الصناعي تحديثا عاجلا للمناهج بالإضافة إلى غياب الشراكات الفاعلة بين الأكاديميا والصناعة، ما يحرم الطلبة من التدريب العملي النوعي وهجرة الكفاءات الوطنية نتيجة ضعف الرواتب وظروف العمل غير الجاذبة.

 

توجهات حديثة

وقال نقيب المهندسين إن سوق العمل الهندسي يشهد تحولات متسارعة تتماشى مع الاتجاهات العالمية، حيث تبرز تخصصات جديدة ذات فرص نمو مرتفعة، منها الهندسة البيئية والطاقة المتجددة لتعزيز الاستدامة، وهندسة الميكاترونكس والروبوتات لدعم التصنيع الذكي، والهندسة الطبية الحيوية لمواكبة التطور في الرعاية الصحية، وأمن المعلومات والسيبرانية لمواجهة التهديدات الرقمية، بالإضافة إلى الهندسة الصناعية وتحسين العمليات لتلبية متطلبات الجودة والكفاءة.
كما يزداد الطلب على مهارات تكميلية مثل التحليل الرقمي، والتفكير النقدي، والقيادة التكيفية، وريادة الأعمال التكنولوجية، بحسبه.
واستنادا إلى هذه التحولات، أوصت النقابة الطلبة بالتوجه نحو تخصصات المستقبل، وأبرزها التكنولوجيا الحديثة من خلال الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وأمن المعلومات، وهندسة البرمجيات.
كما أوصت بدراسة تخصص الاستدامة والطاقة من الطاقة المتجددة، والبيئة والمياه، والبناء الأخضر، والتخصصات متعددة التداخل مثل الهندسة الطبية الحيوية، والمدن الذكية والنقل الذكي.

 

توصيات لتحسين الواقع

ولتحقيق التوازن بين التعليم وسوق العمل، شدد غوشة على ضرورة إعادة مواءمة التخصصات الجامعية مع متطلبات السوق وخفض القبول في التخصصات المشبعة، وتعزيز التدريب العملي عبر شراكات مع القطاع الصناعي، وتضمين مشاريع تطبيقية في المناهج مع تطوير المهارات الرقمية والناعمة كجزء أساسي من البرامج الأكاديمية.
وبحسب غوشة، فإن أرقام النقابة تشير إلى أن عدد الباحثين عن عمل يبلغ نحو 1200 مهندس، بينهم 40 % من المهندسات، فيما يشهد الطلب ارتفاعا نسبيا في تخصصات متقدمة مثل هندسة الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، وأمن المعلومات والذكاء الاصطناعي.
وكانت نقابة المهندسين كشفت في آخر تقاريرها عن حجم التوزيع العددي لمختلف التخصصات الهندسية بين أعضائها، حيث تصدرت الهندسة الكهربائية القائمة بـنحو 69 ألفا و72 مهندسا، تلتها الهندسة المدنية التي بلغ عدد المنتسبين إليها 61 ألفا و252 عضوا.
وجاءت الهندسة الميكانيكية في المرتبة الثالثة بـ41 ألفا و831 مهندسا، فيما سجلت الهندسة المعمارية 19 ألفا و72 عضوا، أما تخصصات الهندسة الكيماوية فبلغت 10 آلاف و216، في حين لم يتجاوز عدد المهندسين في الهندسة التطبيقية 2061 عضوا.
وفي القطاعات المرتبطة بالموارد الطبيعية، أظهرت الإحصائيات أن عدد المهندسين العاملين في مجالات المناجم والتعدين والجيولوجيا والبترول بلغ 1710 فقط، وهو رقم يعكس محدودية الإقبال على هذا المجال مقارنة ببقية التخصصات. 

 

مسار متكامل لتطوير المهارات

وفي سياق متصل، أكد غوشة أن النقابة أصدرت تقريرا استرشاديا وتحليليا حول واقع سوق العمل الهندسي انطلاقا من دورها في التوجيه والإرشاد المهني. 
وأوضح أن التقرير يهدف إلى تقديم قراءات معمقة وتوصيات عملية موجهة لطلبة الهندسة والمهندسين حديثي التخرج دعما لانطلاقتهم المهنية، مشيرا إلى أن هذا الجهد جاء ثمرة تعاون مثمر مع جامعة الحسين التقنية التي أسهمت بجهودها المميزة في إنجازه.
وبين غوشة أن مهنة الهندسة لا تُختزل في كونها تخصصا أكاديميا، بل تمثل مسارا متكاملا لتطوير المهارات وصقل الكفايات بما يواكب التحولات المتسارعة في المعرفة والتكنولوجيا والممارسات الحديثة. 
وأضاف إن سوق العمل لم يعد يعتمد على التحصيل العلمي وحده، بل تحكمه معادلة العرض والطلب، ويتأثر بعوامل بنيوية تشمل حجم الباحثين عن فرص عمل وتنوع المهارات المطلوبة، ومدى مرونة الكفايات في مواجهة المتغيرات المستمرة.
وشدد على ضرورة ترسيخ ثقافة التعلم الذاتي المستمر، وتعزيز القدرات التقنية والعملية إلى جانب المهارات الشخصية والقيادية، بما يسهم في رفع جاهزية المهندسين وتعزيز قدرتهم على المنافسة محليا وإقليميا ودوليا.
كما أوضح أن النقابة، انسجاما مع دورها التنظيمي والاستشاري، تعمل على تطوير بيئة هندسية متكاملة ترتكز على الكفاءة، وتقوم على شراكة فاعلة مع مؤسسات الدولة والجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. 
وأكد أن النقابة تواصل تحديث برامج التدريب والتأهيل وربطها بمتطلبات السوق المحلي والإقليمي والعالمي، بما يضمن تمكين المهندسين من مواكبة المستجدات وتعزيز حضورهم المهني.

 

مواءمة التخصصات مع سوق العمل

ودعا غوشة الطلبة والمهندسين إلى مواءمة اختيار تخصصاتهم مع اهتماماتهم الشخصية من جهة، ومع مؤشرات الطلب في سوق العمل من جهة أخرى، مؤكدا أن التفوق لا يرتبط بتخصص بعينه، بل بمدى توافقه مع المهارات الأساسية التي يفرضها الواقع المهني اليوم. 
وأضاف أن بعض التخصصات قد تبدو محدودة الفرص محليا، لكنها تحمل آفاقا واسعة في الأسواق الإقليمية والدولية.
وشدد على أن الهندسة مهنة إنسانية نبيلة ورسالة مجتمعية سامية، يتحمل أصحابها مسؤولية المساهمة في بناء مستقبل مزدهر وآمن، داعيا المهندسين إلى التميز والالتزام والكفاءة ليكونوا روادا في صناعة التغيير الإيجابي في وطنهم ومجتمعهم.
وبحسب الدليل الاسترشادي، يشهد سوق العمل العالمي تغيرات عميقة بفعل التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة، حيث تتسارع الابتكارات لتعيد تشكيل المشهد المهني، مولدة وظائف جديدة في الوقت الذي تختفي فيه أخرى تقليدية. 
ووفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025، يُتوقع أن يتم الاستغناء عن نحو 92 مليون وظيفة بحلول عام 2030، في مقابل نشوء 170 مليون وظيفة جديدة، وهو ما يعكس صافي زيادة قدرها 78 مليون وظيفة على مستوى العالم.
وتشير أبرز التوقعات إلى أن ما يقارب 23 % من الوظائف حول العالم ستتغير بحلول عام 2027 نتيجة التطور في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء. 
وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يُتوقع أن تتم أتمتة نحو 30 % من ساعات العمل الحالية بحلول عام 2030، وهو ما يعكس التأثير المباشر لتقنيات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل.
كما يُتوقع أن يضطر نحو 12 مليون شخص إلى تغيير مسارهم المهني بحلول عام 2030، مع تزايد الحاجة إلى اكتساب مهارات جديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، الأمر الذي يفرض على المؤسسات التعليمية والنقابية تطوير برامجها بما يتماشى مع هذه المتغيرات.