لليوم الثاني على التوالي، تشهد العاصمة عمان ازدحامات مرورية خانقة في معظم الطرق الرئيسية والفرعية، تزامنا مع قرار الحكومة تأخير بدء الدوام الرسمي إلى الساعة العاشرة صباحا بسبب الأحوال الجوية، وسط تخوفات من تكرار هذه الحالة مع اقتراب شهر رمضان.
ورغم أن القرار يهدف إلى حماية المواطنين من مخاطر الانجماد والصقيع، إلا أنه أدى إلى تداخل مواعيد خروج الموظفين والطلاب، مما تسبب في زيادة الكثافة المرورية وازدحام الطرق.
محاولات المواطنين لتفادي الأزمة بالخروج في ساعات مبكرة، لم تكن مجدية، حيث تفاجأوا بازدحامات خانقة، خاصة مع توحيد توقيت دوام الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة و طلبة المدارس والجامعات.
أثار هذا الوضع موجة من الغضب على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انتقدوا القرار، رغم تأكيدات أمانة عمان بأن الطرق سالكة وإعلان إدارة السير المركزية فتح الجسور المغلقة، مطالبين باتخاذ قرارات أكثر فاعلية للتعامل مع مثل هذه الظروف.
النائب محمد الظهراوي عبر عن استيائه عبر صفحته على فيسبوك، مشيرا إلى أن الطريق من الرصيفة إلى الجامعة الأردنية استغرق أكثر من ساعتين ونصف صباح الأحد مضيفا "ما بيوصل الموظف دوامه الا هو منتهي" ، مشيرا إلى أن الازدحام المروري الشديدة تسبب في تأخير الموظفين عن دوامهم.
في المقابل انتشرت كوادر السير والأمن العام في مختلف المواقع لمحاولة تنظيم الحركة المرورية وضمان وصول المواطنين بأمان، رغم التحديات التي فرضتها الظروف الجوية والضغط المروري الهائل.
تداعيات القرار
لم تكن هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها الحكومات إلى قرار تأخير الدوام، إذ يعتمد هذا الإجراء كنوع من الحذر عند مواجهة الظروف الجوية الصعبة، إلا أن هذا القرار غالبا ما يؤدي إلى خلق أزمات مرورية تعيق وصول العديد من الموظفين إلى أماكن عملهم في الوقت المناسب، مما يستدعي التفكير بحلول تنظيمية فعالة لتفادي مثل هذه الأزمات مستقبلا.
يرى وزير النقل الأسبق المهندس جميل مجاهد، أن قرار تأخير الدوام حتى الساعة العاشرة يحمل تداعيات متعددة سواء على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والخدمي، موضحا أن تأجيل الدوام يؤثر سلبا على إنتاجية القطاعين العام والخاص، خاصة في المهن التي تتطلب الحضور الفعلي إلى مكان العمل، مما يقلل من كفاءة الأداء ويعطل سير الأعمال.
أما من الناحية الخدمية والبنية التحتية، يؤكد مجاهد أن مثل هذه القرارات تسهم في تفاقم الازدحامات المرورية نتيجة تكدس حركة السير في ساعات محددة، وهي مشكلة قائمة حتى في الظروف العادية، مما يزيد من حدتها خلال الأحوال الجوية السيئة.
ورغم أن قرار تأجيل الدوام يعكس حرص الحكومة على سلامة المواطنين ويعتبر خطوة استباقية، بحسب مجاهد إلا أن تكرار هذا الإجراء دون وجود حلول جذرية يضعف ثقة المواطنين بقدرة الحكومة على إدارة الأزمات بفعالية، بحسب مجاهد الذي يرى أن التعامل مع الأزمات المرورية يتطلب مزيجا من التدابير الفورية وأخرى طويلة الأمد لضمان استدامة الحلول.
ويحذر مجاهد من أن هذه الأزمة ليست مؤقتة بل مرشحة للتكرار سنويا، سواء خلال الأحوال الجوية القاسية أو في فترات خاصة كرمضان عندما تحدد ساعات الدوام بقرارات مشابهة، لذلك، يدعو إلى وضع استراتيجيات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الظروف لضمان انسيابية الحركة وتقليل الأضرار الاقتصادية والاجتماعية.
الحلول المقترحة
تتنوع الحلول المقترحة لمواجهة هذه الظروف بين قصيرة وطويلة المدى، بحسب مجاهد فان الحلول على المدى القصير، يمكن اعتماد تدابير استباقية مثل تطبيق نظام الدوام المرن في القطاعين العام والخاص، خاصة في الوظائف الإدارية، كبديل عن تأجيل الدوام، من شأن هذه الخطوة أن تسهم في تخفيف الازدحامات المرورية، أما في قطاع التعليم، فيمكن الاستعانة بالمساقات الإلكترونية وتفعيل نظام التعليم عن بعد لتقليل حركة التنقل.
أما الحلول طويلة المدى، فهي الأهم لتحقيق استدامة في التعامل مع مثل هذه التحديات، وتشمل تطوير البنية التحتية، خصوصا تحسين شبكات تصريف مياه الأمطار في الشوارع الرئيسية، وصيانة الطرق وإصلاحها قبل حلول موسم الشتاء بحسب مجاهد.
ويشدد مجاهد أنه من الضروري إقرار تشريعات تلزم المؤسسات العامة والخاصة بوضع خطط طوارئ مسبقة لمواجهة هذه الظروف، بحيث لا تكون القرارات ارتجالية بل قائمة على تخطيط مسبق.
ويرى أن التخفيف من حدة الازدحامات المرورية خلال الظروف الجوية الصعبة يتطلب تخطيطا بعيد المدى واستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا، إضافة إلى اعتماد سياسات مرنة تجمع بين التطوير الهندسي والتحسينات التنظيمية، مما يسهم في تقليل الأزمات المرورية بشكل فعال.
وفقا لأحدث البيانات المتاحة حتى نهاية عام 2024، بلغ عدد المركبات المسجلة في الأردن حوالي 2.12 مليون مركبة، بزيادة بنسة 4% تقريبا عن عدد المركبات المسجلة في عام 2021، وفقا لبيانات إدارة ترخيص السواقين والمركبات.
كما شهدت المملكة زيادة ملحوظة في استيراد المركبات الكهربائية، حيث ارتفع عددها بنسبة 29% مقارنة بعام 2023، ليصل إلى 52,849 مركبة.
فيما ارتفع عدد المركبات الهجينة (الهايبرد) المستوردة بنسبة 8%، ليصل إلى 24,760 مركبة، في المقابل، شهدت مركبات البنزين تراجعا بنسبة 3%، حيث بلغ عددها 34,161 مركبة.