في موقف غير معتاد، وبشكل متزامن على ما يبدو مع القيادة الفلسطينية، لم تُصدر الأردن أي تعليق أو إدانة للتسريبات الإسرائيلية حول احتمال ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية. وزارة الخارجية الأردنية، التي اعتادت إصدار بيانات شبه يومية تُدين الإجراءات الإسرائيلية، التزمت الصمت التام، كما التزم كبار المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية أيمن الصفدي، بعدم التعليق.
يشكل وادي الأردن منطقة حيوية. فالمساحة المصنفة "ج" تمثل 60% من أراضي الضفة الغربية، ويقطن وادي الأردن حوالي 65,000 فلسطيني معظمهم مزارعون، مقابل 11,000 مستوطن. هذه المنطقة، التي تضم 30 مستوطنة و18 بؤرة استيطانية غير قانونية، (حتى حسب النظام الإسرائيلي) بالإضافة إلى تجمعات كبيرة، تُعتبر - من وجهة النظر الإسرائيلية - "حزامًا أمنيًا" يوفر عمقًا استراتيجيًا على طول نهر الأردن، وكانت جزءًا من خطط سابقة لحكومات حزب العمال لتثبيت السيطرة الإسرائيلية، وفقًا لما يعرف بخطة ألون.
في فلسطين، لم يتطرق الرئيس محمود عباس إلى القضية إلا بشكل محدود خلال مقابلة مطولة مع تلفزيون فلسطين، فيما أكد المتحدث باسم حركة فتح في أوروبا، جمال نزال، أنه "لا نخطط لأي رد فعل".
قد يطرح هذا الصمت العديد من التساؤلات حول دوافعه. يرى بعض المحللين أن القيادة الفلسطينية والأردنية تدرك أن هذه التهديدات، على الرغم من خطورتها الإعلامية، تهجف الجمهور الداخلي الاسرائيلي وليست تهديدًا حقيقيًا على الأرض.
فيما يرى آخرون أن أي ضجة كبيرة حول الضم قد تُستغل من قبل الولايات المتحدة لمحاولة مقايضه أمريكية بحيث يتم دفع الفلسطينيين للتخلي عن طموحاتهم الوطنية مقابل بعض المكاسب الشكلية، مثل اقناع إسرائيل بالتراجع عن الضم وتوفير تأشيرات الدخول إلى أمريكا، وهو ما يفسر الحذر في الردود الرسمية.
على أرض الواقع، يبدو أن أولويات الفلسطينيين والأردنيين متركزة على إيجاد مخرج لإنهاء الحرب في غزة وضمان وصول الغذاء والإمدادات الإنسانية بشكل مستمر لأكثر من 2.2 مليون فلسطيني يعانون من شح الموارد. التقارير تشير إلى أن إدارة ترامب منحت نتنياهو فترة محددة لإنهاء حملته العسكرية في غزة، إلا أن غياب نشاطه في الأيام الأخيرة قد منح إسرائيل مزيدًا من الوقت لتنفيذ عملياتها العسكرية.
بالنسبة للأردن، تظل المساعدات اليومية، وإن كانت محدودة، وعمليات الإنزال الجوي غير المنتظمة الوسيلة الأساسية لدعم السكان في غزة. كما يراقب الأردن عن كثب الوضع في المسجد الأقصى، حيث أثارت واقعة 3 أغسطس/آب التي صوّر فيها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي وهو يصلي مع عدة يهود، غضب عمان باعتبارها انتهاكًا للاتفاقات السابقة والوضع الراهن.
الصمت الأردني والفلسطيني إذاً ليس مجرد غياب للرد، بل يمكن اعتباره موقفًا استراتيجيًا. فهو يعكس التركيز على الأزمات الإنسانية والملفات الأكثر إلحاحًا على الأرض، بينما تظل القضايا السياسية الأكبر قيد التقييم والحسابات الدقيقة. وفي هذا الإطار، يظل التوازن بين التصدي للتهديدات والحفاظ على مصالح المواطنين أولوية ملموسة أكثر من أي بيان رسمي.












































