مبعوث الاتحاد الأوروبي: انتقلنا من سيء إلى أسوأ

أشاد مبعوث الاتحاد الأوروبي بالدبلوماسية الإنسانية في غزة، والزخم المتزايد بشأن الاعتراف بفلسطين
الرابط المختصر

في محاضرة صريحة وواسعة النطاق ألقاها، الأربعاء 17 تموز، في فندق بريستول بعمان، سلّط سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأردن، بيير كريستوف تشاتزيسافاس، الضوء على الدور المتطور للاتحاد الأوروبي في الدبلوماسية العالمية، معتبرًا فاعلية الضغوط المتزايدة على إسرائيل بشأن غزة، واستثمار أوروبا الثابت في استقرار الأردن، والتقدم نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.

وفي حديثه خلال فعالية مشتركة لأندية الروتاري (فيلادلفيا، وعمان وعمون، ايكو، وكوزمبوليتان) في ١٦ يوليو، وصف تشاتزيسافاس عام ٢٠٢٥ بأنه "أحد أصعب الأعوام" في الدبلوماسية الحديثة، إذ اتسم بانهيار المعايير الدولية، وتفاقم عدم الاستقرار العالمي، وتآكل الالتزامات المتعلقة بالمناخ والتنمية.

وقال: "لقد انتقلنا من سيء إلى أسوأ". لقد انتُهكت مبادئ القانون الدولي في مختلف المناطق. ومع ذلك، فقد زادت هذه التحديات المشتركة من تقارب الاتحاد الأوروبي.

وقال إنه في خضم هذه الظروف الكئيبة، تحققت مكاسب ملحوظة، لا سيما في غزة، حيث ساعد الضغط الدبلوماسي الأوروبي على تحقيق انفراجه إنسانية مع إسرائيل.

 اتفاق غزة: دبلوماسية مدعومة بالنفوذ

 كشف السفير تشاتزيسافاس سابقًا عن تفاصيل غير معلنة حول اتفاق تفاوض عليه الاتحاد الأوروبي مؤخرًا مع إسرائيل، واصفًا إياه بأنه "قصة نفوذ ناجحة".

 وعقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو/حزيران، كُلّفت دائرة العمل الخارجي الأوروبية (EEAS) بوضع مجموعة من أدوات الضغط ردًا على انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي والتزاماتها بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وقد أسفرت تلك المناقشات عما وصفه تشاتزيسافاس بـ"الضغط السياسي الفعال".

 وأضاف: "لقد استخدمنا قنواتنا الدبلوماسية للضغط من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقد نجح الأمر. قبلت إسرائيل شروطنا".

 يتضمن الاتفاق، الذي أقره مجلس الوزراء الإسرائيلي في 9 يوليو/تموز، ونُشر في اليوم التالي، ما يلي:

 

·         الوصول الإنساني: زيادة إيصال المساعدات الغذائية وغير الغذائية إلى غزة.

·         شحنات الوقود: لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.

·         إعادة تأهيل البنية التحتية: بما في ذلك شبكة الكهرباء وأنظمة المياه.

·         إعادة تفعيل الممر الإنساني: عبر مصر والأردن.

·         وصول عمال الإغاثة ومراقبي الأمم المتحدة: بعد القرار 2720.

أكد تشاتزيسافاس على أهمية التنفيذ. وسيراجع الاتحاد الأوروبي امتثال إسرائيل كل أسبوعين.

والأهم من ذلك، أنه أشار إلى أن الاتفاق "خلق مساحة سياسية"، مما أدى إلى أول اجتماع مشترك بين وزيري الخارجية الفلسطيني والإسرائيلي منذ عام 2022، إلى جانب نظرائهم العرب، بمن فيهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.

الاعتراف بفلسطين: "قطار غادر المحطة"

ردًا على سؤالي، أوضح السفير أن توجه فرنسا الأخير للاعتراف بدولة فلسطين يُشير إلى تحول لا رجعة فيه في موقف أوروبا. قال: "إن الاعتراف بفلسطين بمثابة قطار غادر محطته. فرنسا ستفعل ذلك. لا عودة إلى الوراء. السؤال الحقيقي الآن هو: كم دولة أخرى ستتبعها؟"

سيبلغ هذا السؤال ذروته في مؤتمر الأمم المتحدة يومي 28 و29 يوليو/تموز، حيث سيتم اختبار التوافق الأوروبي بشأن الاعتراف بفلسطين.

في حين أن تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل - وهو ما يُسمى "الخيار النووي" - يتطلب إجماعًا ويظل مستبعدًا، أشار تشاتزيسافاس إلى مجموعة من الحلول قيد الدراسة:

وأقر قائلاً: "لقد فرضنا عقوبات بالفعل على المستوطنين المتطرفين. لكن من الواضح أننا لم نفعل ما يكفي".

شراكة الأردن والاتحاد الأوروبي: تتوسع على جميع الجبهات

أشاد السفير تشاتزيسافاس بالأردن ووصفه بأنه "شريك موثوق وأساسي"، مشيرًا إلى دوره الإقليمي وقدرته الداخلية على الصمود. وقال إن الاتحاد الأوروبي يستجيب بمستويات قياسية من الدعم.

يبلغ متوسط مساعدات الاتحاد الأوروبي الحالية للأردن 500 مليون يورو سنويًا، ثلثاها على شكل منح. وبموجب اتفاقية شراكة أُطلقت مؤخرًا لمدة ثلاث سنوات، مرتبطة بزيارة الملك عبد الله إلى بروكسل، التزم الاتحاد الأوروبي بتقديم 3 مليارات يورو، تجمع بين القروض والمنح.

تشمل مجالات الدعم ما يلي:

·         النقل العام: تهدف حزمة دعم جديدة بقيمة 20 مليون يورو لوزارة النقل الأردنية إلى الارتقاء بأنظمة النقل إلى "المعايير الأوروبية".

·         التعاون الدفاعي: تضاعف برنامج الدعم، الذي بدأ عام 2023 بقيمة 7.5 مليون يورو، عشرة أضعاف. وسيحصل الأردن قريبًا على أنظمة رادار ودفاع جوي متطورة لتأمين حدوده ومجاله الجوي.

·         الأمن المائي: يواصل الاتحاد الأوروبي دعم مشروع ناقل المياه الوطني الرائد في الأردن، واصفًا إياه بأنه "مقياس للمستثمرين الإقليميين".

·         التعليم والشباب: مُنحت 6000 منحة دراسية للتعليم العالي للاجئين السوريين والأردنيين من الفئات الأكثر ضعفًا، مع استثمارات كبيرة في التدريب المهني والاستعداد الوظيفي.

وقال تشاتزيسافاس: "يظل التعليم أولوية قصوى"، مسلطًا الضوء على العلاقة بين التعليم والمرونة الاقتصادية والاستقرار الإقليمي.

وأشار إلى أن محفظة مساعدات الاتحاد الأوروبي المتنوعة تنبع من التاريخ والضرورة. نفضل التركيز على قطاعات رئيسية قليلة. لكن في الأردن، لدينا سجل حافل بالنجاحات في جميع المجالات، ولا يمكننا الانسحاب ببساطة.

التطلع إلى المستقبل: التجارة، والوظائف، وممر IMEC

كما تطرق السفير إلى الطموحات طويلة الأجل، بما في ذلك الممر الاقتصادي الهندي - الشرق الأوسط - الأوروبي (IMEC)، واصفًا إياه بأنه "هدف استراتيجي" يعتمد على الحل السياسي - لا سيما فيما يتعلق بفلسطين - وتعميق التكامل الإقليمي.

كما استعرض مؤتمرًا استثماريًا رئيسيًا بين الاتحاد الأوروبي والأردن، المقرر عقده في أوائل عام 2026، والذي يهدف إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة وخلق فرص عمل.

"لا يزال سوق العمل يمثل التحدي الأكبر للشباب الأردني. الاستثمار - الاستثمار الحقيقي والمستدام - هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا."

محاسبة الحلفاء، الاستثمار في الاستقرار

اتسم خطاب تشاتزيسافاس بصراحة غير معتادة بالنسبة لسفير في منصبه. فقد انتقد التقاعس العالمي، وأبدى تفاؤله بشأن ما يمكن للاتحاد الأوروبي تحقيقه من خلال المشاركة الدبلوماسية والاستثمار الاستراتيجي.

سواءً في غزة، أو في أروقة الأمم المتحدة، أو هنا في عمّان، فإن هدفنا واحد: الوقوف إلى جانب القانون الدولي، ودعم شركائنا، وإنجاح الدبلوماسية.

في حين تستعد الأردن والمنطقة لاستمرار الاضطرابات، لاقت هذه الرسالة - المعتدلة والمبدئية والبراغماتية - ترحيبًا حارًا من جمهورٍ متشوقٍ لعلامات القيادة العالمية.