فنانو الأردن يتضامنون مع لبنان ويطلقون حملة تبرعات
كنت أقف الى جانب الطريق أنتظر الفنانين حتى يبدأوا إطلاق حملتهم التضامنية مع لبنان وفلسطين، وكنت لاحظت سيدة وأطفالها الثلاثة تقف بعيدا ترقب ما يحدث، فاقتربت مني تسألني بلكنة لبنانية ناعمة (شو عم بيعملو هون لو سمحتي؟).
نظرتُ إليها دون أن أعرف ماذا أجيب، تفاجئت قليلاً لأنني منذ بدء قدوم اللبنانيين الى الأردن لم أقابل أي لبناني، أجبتها: (الفنانون الأردنييون يعلنون وقفتهم مع لبنان، وهناك حملة للتبرعات)، نظرتْ الى جمع الفنانين وأعلام لبنان وفلسطين والأردن الموضوعة على الجدران، وقالت: (يا ريت جبت معي علم لبنان تا إرفعه).
وخلال الحديث عرفت أنها قدمت مع أبناءها عبر البر مع بعض اللبنانيين اللآخرين، لكن زوجها ووالدتها بقيا هناك في الضاحية الجنوبية حيث قالت: (زوجي قال لي "إذهبي مع الأولاد فأنا وحدي لا خوف علي أما انتم فاذهبوا الى الأردن"، أما والدتي فرفضت أن تخرج من بيتها وضيعتها وأرضها قائلة: إن مت فسأموت هنا على أرضي وفي بيتي).
لحسن حظ هذه السيدة الجنوبية فأهل زوجها مقيمون في الأردن منذ زمن، فاستطاعت تدبر أمرها والمجئ للإقامة لديهم ولولا ذلك (لما حضرت أصلاً).
بعد حين ومع تجمع العديد من الفنانين والناس المهتمين، جاءت أخت زوجها والتي حضرت أيضا من الجنوب المنكوب كي تحضران ما يجري، وقالت لي "لو تعرفين كيف حضرت، أنا بالأصل جواز سفري منتهي منذ الشهر قبل الفائت، لكنهم سمحوا بدخولي مراعين وضعنا، والشكر للملك فقد أمر بإدخال أي شخص يحمل هوية لبنانية".
وتابعت حديثها: "أنتم الأردنيين كشعب أعرف أن قلوبكم معنا لكني أعرف أن ما بيدكم حيلة، نحن لم يعد باستطاعتنا البقاء وسط القصف على الضاحية الجنوبية لكن الحمدلله جئنا الى هنا، والفنانون هنا يقومون بما يقدرون عليه من معونات مادية لكن ما يريده اللبنانيون هو وقفة حقيقية من كل العرب".
وسألتها لمتى تتوقعين أن تبقوا هنا؟ ابتسمت وأجابت: "الى أن ننتصر بإذن الله، وسننتصر بإذن الله".
كان ذلك الحديث على هامش المهرجان التنديدي الذي أقامه الفنانون الأردنيون تمثلهم نقابتهم لإعلان رفضهم العدوان الإسرائيلي، وذلك بإطلاق حملةٍ تضامنيةٍ مع الشعبين اللبناني والفلسطيني تحت عنوان (الكرامة استحقاق)، دعت من خلالها الى طرد السفير الإسرائيلي في الأردن ومقاطعة المنتجات الأميريكية والبريطانية بصفتهما حليفتان لإسرائيل.
وتضمن مهرجان إطلاق الحملة قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين، تلاه قراءة لبيان نقابة الفنانين من نقيبها الفنان المخرج شاهر الحديد قال فيه "إننا في النقابة وانسجاما مع تاريخ ومواقف الفنان الأردني، نعلن مضينا الى الأمام مع كل قوى التحدي والمقاومة من أجل هزيمة المشروع الصهيوني التدميري، وبكل الوسائل التي تعطي أمتنا مقومات الحياة الكريمة وسبل تجسيد المعاني الإنسانية الساميةالتي شكلها ضمير العالم على مدى العصور، ترفض الفرقة بين أبناء الأمة وتنبذ النظرات العصبية الضيقة وترفع ثقافة التحدي والنضال من أجل مستقبل تحول فيه الأجيال القادمة الى دماء شهدائنا في قانا وجنين وغزة الى منارة عز وفخار".
وأعلن الحديد عن مجموعة من المطالبات جاء أولها: (نطالب حكومتنا وكل حكومة عربية تربطها علاقات دبلوماسية بالعدو، أن تقوم بسحب سفيرها لدى اسرائيل، وطرد سفير القتلة السفاحين، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذا الكيان المغتصب، وثانيها: إبلاغ مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة بالغاء كل ما يتعلق بعملية السلام ومساقاتها التي أغتالها العدو الصهيوني، وثالثها: لانطالب بوقف اطلاق النار بل نطالب بأن تعلن الأمة العربية أنها في حالة حرب مفتوحة مع العدو الصهيوني. ورابعها: أن تعود المؤسسة الرسمية و المؤسسات الأهلية إلى إنتاج الثقافة الوطنية ببعدها القومي و نبذ كافة الدعوات الإنعزالية).
ودعا الحديد الجماهير في كل بقاع الدنيا إلى تشديد حملة المقاطعة للمنتجات الأمريكية و البريطانية، ومنتجات كل دولة أو شركة تقف إلى جانب العدو الصهيوني قائلاً في ختام حديثه: "إن دماء شهداء لبنان و فلسطين، هي دين جديد في أعناقنا و إنه موقف لإمتحان الإرادة، و إنها ساعة للكرامة و الكرامة إستحقاق وجب علينا جميعاً دفع الثمن من إجله إذا اردنا أن نعيش في وطن عربي حر و كريم".
وقالت الفنانة قمر الصفدي لعمان نت "اليوم هو يوم تضامني مع الأخوة في لبنان، وهي وقفة معنوية لأن النقابة ومجلسها يجمعون تبرعات لإرسالها الى لبنان والتي بدأت منذ أربع أيام، واليوم هو مشاركة معنوية أكثر للتضامن مع أخوتنا في ما يمرون به، وقد جمع رقم بالآلاف حتى الآن، إضافة الى أن هناك سلة لجمع العينات التموينية لإرسالها في الشاحنات التي ستنطلق من مجمع النقابات الى لبنان".
فيما قال الفنان محمد أبو الراغب أن "أقل شيء نستطيع أن نفعله هو التضامن مع لبنان، ورفض ما يحدث من مجازر واضطهاد، ونحن مقصرون أمام العنجهية الإسرائيلية ويجب على كل الأمة العربية والإسلامية أن نقف صفا واحداً اليوم".
وتخلل المهرجان، الذي شارك فيه جمع من الفنانين والشعراء والكتاب الأردنيين، عزف على العود وغناء للبنان وفلسطين وقرأت قصائد منددة بالعدوان ورافضة له، وتخلل ذلك مهاتفة مع نقيب الفنانين اللبنانيين إحسان صادق الذي عبر عن امتنانه لوقوف الفنانين الأردنيين وغيرهم الى جانب لبنان في محنته.
فيما أعلن عن بدء جمع التبرعات المادية والمعونات، وستسير النقابة حافلة محملة بالمواد الغذائية والطبية والتبرعات العينية من أموال إلى أهالي لبنان. تلك الحملة بدأت منذ ثلاثة أيام.











































