
تحركات لتحديث كودات البناء وتعزيز الرقابة على الأبنية القديمة

أثار انهيار بناية سكنية في مدينة إربد مؤخرا، رغم توصية مسبقة بإزالتها بسبب خطورتها، حالة من الخوف والقلق بين المواطنين، خاصة أولئك الذين يسكنون في مبان قديمة أو ظهرت فيها تصدعات وتشققات مشابهة، مما دفع العديد منهم إلى الحديث عن مخاوفهم والبدء بإجراء صيانة دورية خوفا من تكرار الحادثة.
وفي غياب إحصائية رسمية دقيقة حول عدد الأبنية المنهارة أو المهددة بالانهيار في المملكة، تشير تقديرات مهندسين مختصين إلى أن آلاف المباني القديمة في العاصمة والمحافظات تحتاج إلى تقييم إنشائي عاجل، خاصة مع ورود شكاوى متكررة من هبوط أرضي أو تشققات في الجدران.
فقد سجلت وحدة السلامة العامة في أمانة عمان 40 شكوى خلال الشهر الماضي تتعلق بسلامة الأبنية، فيما تؤكد أمانة عمان أن عدد الشكاوى المتعلقة بالمباني قيد الإنشاء يفوق ذلك، وتتم معالجتها من خلال لجان متخصصة.
وعلى وقع حادثة إربد، تحركت وزارة الأشغال العامة والإسكان لتشديد الرقابة على التزام المشاريع بكودات البناء الوطني، وأصدرت كتبا رسمية إلى أمانة عمان الكبرى، ووزارة الإدارة المحلية، والبلديات، ونقابة المهندسين، شددت فيها على عدم منح أي تراخيص لتعديل أو ترميم أو إضافة طوابق جديدة على المباني القائمة إلا بعد إعداد دراسة إنشائية وفنية متكاملة وفقًا لكودات البناء الوطنية.
ويستند ذلك إلى توصيات اللجنة الفنية للكودات، المشكلة بموجب قانون البناء الوطني رقم 7 لسنة 1993 وتعديلاته، والتي تؤكد أهمية توفير رقابة صارمة على جودة تنفيذ الأعمال الإنشائية.
التعليمات مشددة والتحديث مستمر
رئيس شعبة الهندسة المعمارية وعضو مجلس نقابة المهندسين، المهندس عماد الدباس يؤكد أن النقابة، من خلال هيئة المكاتب الهندسية، أصدرت منذ عام 2022 تعليمات خاصة بتحديث أو إعادة تأهيل المباني القائمة، وذلك بعد حادثة انهيار عمارة اللويبدة.
ويضيف أن هذه التعليمات ما زالت معمولا بها حتى الآن، ويتم تحديثها باستمرار حسب مستجدات الوضع على أرض الواقع.
وبحسب الدباس، فقد أجرت النقابة تعديلات على هذه التعليمات بعد حادثة انهيار عمارة في إربد، حيث تم إلزام جميع المكاتب الهندسية بتقديم دراسات إنشائية لأي ترخيص يخص مبان قائمة، بغض النظر عن مساحتها، كما شملت التعليمات تقديم دراسات إنشائية لأي مبان مقترحة تقام على مبان قائمة.
ويشير إلى أن النقابة شددت مؤخرا، قبل نحو أسبوع، على هذه التعليمات، خاصة فيما يتعلق بالمباني غير المرخصة التي يسعى أصحابها إلى ترخيصها، أو المباني الجديدة المقامة على مبان قائمة، موضحا أن هنالك تعليمات جديدة تصدر تباعا، كما أن هناك جهات رقابية تتابع تنفيذها لضمان الالتزام الكامل بها.
كيف تراقب المشاريع؟
فيما يتعلق بآلية التعامل مع المخالفات يوضح الدباس أن أي مشروع يتقدم للترخيص عبر نقابة المهندسين يجب أن يمر بمسار قانوني محدد، فبعد الانتهاء من تدقيق المخططات الهندسية في النقابة، تحال هذه المخططات إلى الجهات المعنية مثل أمانة عمان أو البلديات لإصدار الرخصة.
ويشترط إصدار الرخصة بتعيين مهندس مقيم مسؤول عن الإشراف على المشروع، وكذلك تعيين مقاول مصنف من قبل نقابة المقاولين، بعد ذلك تبدأ أعمال الحفر تحت إشراف المهندس المقيم.
ويبين أن نقابة المهندسين، من خلال دائرة الإشراف، تقوم بزيارات ميدانية للمشاريع للتأكد من وجود المهندس المقيم والمقاول، ومطابقة الأعمال المنفذة للمخططات المصممة والمعتمدة من النقابة والمرخصة من الجهات الرسمية.
وفي حال اكتشاف أي مخالفة مثل غياب المهندس أو المقاول، أو وجود اختلافات في التنفيذ يتم إبلاغ المكتب الهندسي بضرورة تصويب الوضع فورا، وإذا لم يتم التصويب، تقوم النقابة بإبلاغ مجلس البناء الوطني، وأمانة عمان، والجهات المختصة بإصدار التراخيص، ليتم إيقاف العمل في المشروع لحين تصويب المخالفة.
تحديث كودات البناء
وحول الحاجة لتحديث كودات البناء، خاصة في ظل وجود مبان وتصاميم عمرانية حديثة، يقول الدباس إن مسؤولية تحديث كودات البناء تقع على عاتق مجلس البناء الوطني، إلا أن نقابة المهندسين تشارك في اللجان الفنية المنبثقة عن المجلس والمعنية بمراجعة الكودات وتحديثها، مشيرا إلى أن الكودات تحدث بشكل دوري، وهناك لجنة فنية خاصة بالكودات تعمل بموجب قانون البناء الوطني، وتشارك فيها النقابة كعضو فاعل.
أما عن التحديات في تطبيق كودات البناء في المحافظات مقارنة بالعاصمة عمان، يوضح الدباس أن جميع المخططات الهندسية سواء في العاصمة أو في المحافظات يجب أن تكون مصممة ومطابقة لكودات البناء الوطني الأردني.
ويؤكد أن النقابة تدقق جميع المخططات المعمارية والإنشائية والميكانيكية والكهربائية في مركزها الرئيسي في عمان، إضافة إلى 11 فرعا موزعا في مختلف محافظات المملكة.
وفي حال وجود أي مخالفة أثناء التدقيق، يتم إبلاغ المكتب الهندسي لتصويب الوضع فورا، وإذا لم يتم التصويب، تعد هذه الحالة مخالفة قد تستوجب إيقاف المشروع لحين المعالجة.
40 شكوى تتعلق بسلامة الأبنية
بحسب تقديرات وحدة السلامة العامة في أمانة عمان تبين بأنها تلقت وتعاملت مع 40 شكوى خلال شهر حزيران الماضي، تتعلق بسلامة الأبنية.
ويشير مدير رقابة الإعمار في أمانة عمان المهندس محمد الحديد في تصريحات له أن عدد الشكاوى التي تتعلق بمجلس السلامة الوطني المختص في المباني تحت الإنشاء، أكبر من تلك التي ترد لأمانة عمان، حيث تتمحور في عدم التزام صاحب العمل بخطط إسناد الحفرية أو وجود تشققات وهبوط في الأساسات، وعليها يتحرك مجلس البناء الوطني من خلال لجانه الرقابية بالإضافة الى اللجان الرقابية في أمانة عمان، ويتم ايقاف صاحب العمل والزامه بوضع خطة لتصحيح الأخطاء التي حصلت وتدعيمها.
ويوضح الحديد أن مدير رقابة الإعمار في أمانة عمان عملت على زيادة عدد الجولات التفتيشية، كما تم وضع خطة لمتابعة الشكوى وزيادة عدد الكوادر التي تتعلق بالسلامة العامة، وذلك لمتابعة تقرير السلامة العامة الذي يصدر من اللجنة الإنشائية العليا وتوصياتها.
هذا وتنص كودات البناء الوطنية الأردنية على متطلبات دقيقة لترخيص أي بناء، من مطابقة التصاميم، وتعيين مهندسين ومقاولين معتمدين، إلى ضمان الالتزام بالسلامة العامة والمتطلبات البيئية، ومراعاة اشتراطات الأشخاص ذوي الإعاقة، في محاولة لتقليل الأخطاء الفنية والحد من الحوادث المؤسفة التي قد تهدد حياة المواطنين.