المرصد العمالي الأردني: استمرار السياسات الاقتصادية الراهنة سيعمّق الأزمة الاجتماعية في الأردن

الرابط المختصر

حذّر المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، من أن استمرار الحكومة الأردنية في تطبيق الخيارات الاقتصادية الحالية، في إطار تعاونها مع صندوق النقد الدولي، من شأنه أن يُعمّق من حدة الأزمة الاجتماعية التي تعاني منها البلاد، والمتمثلة في ارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم نسب الفقر، وتراجع العدالة الاجتماعية، واتساع فجوات التفاوت الاقتصادي.

وفي بيان أصدره المرصد بمناسبة الأول من أيار – يوم العمال العالمي، أشار إلى أن النمو الاقتصادي في الأردن لا يزال عند مستويات منخفضة وثابتة منذ أكثر من 15 عاماً، إذ لم يتجاوز 2.5% خلال عام 2024 وفقاً لبيانات دائرة الإحصاءات العامة. وقد رافق هذا الأداء الاقتصادي المحدود استمرار معدلات البطالة عند مستويات مرتفعة، بلغت 21.4% من إجمالي القوى العاملة، فيما بلغت بين الشباب نحو 46%، وبين النساء قرابة 33%.

وأكد المرصد أن هذه المؤشرات الكارثية في سوق العمل ليست معزولة عن المسار الاقتصادي المُتّبع، والذي يرتكز على تقليص أدوار الدولة الاجتماعية، وخفض النفقات العامة، والاعتماد المفرط على الضرائب غير المباشرة. كما أشار إلى أن الضغوط الخارجية، كتلك الناتجة عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية بنسبة 20% على الصادرات الأردنية، ستؤدي إلى مزيد من التحديات الاقتصادية، وستُفاقم من هشاشة سوق العمل وتردّي شروطه.

وشدد المرصد على أن حماية حقوق العاملين والعاملات يجب أن تكون محوراً رئيسياً لأي خطة اقتصادية تنموية، داعياً إلى إعادة الاعتبار للحماية الاجتماعية كركيزة لاستقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز نموه. وأكد أن زيادة الأجور، وتوسيع نطاق الشمول في الضمان الاجتماعي، وتخفيض العبء الضريبي غير المباشر على الأفراد، تمثل أدوات فعالة لتحفيز الطلب المحلي وتعزيز التماسك الاجتماعي.

ولفت المرصد إلى أن نسبة الفقر في الأردن ما تزال مرتفعة، حيث قدّرتها الحكومة آخر مرة في عام 2021 بنحو 24%، في حين تشير تقديرات البنك الدولي الأخيرة إلى أنها تقارب 35%، وهو ما يعكس تعمق التحديات المعيشية لدى شريحة واسعة من المواطنين.

وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، انتقد المرصد ضعف تطبيق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2019–2025)، خاصة في محورها المتعلق بسوق العمل، مشيراً إلى أن نحو نصف القوى العاملة في الأردن لا تزال غير مشمولة بمظلة الضمان الاجتماعي، ما يضعف قدرة النظام على توفير الأمان الاجتماعي والاقتصادي للغالبية العظمى من العاملين، خاصة في القطاعات غير المنظمة.

وبشأن الأجور، اعتبر المرصد أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 290 ديناراً شهرياً لا يرقى إلى مستوى تلبية الاحتياجات الأساسية للعمال وأسرهم، خاصة في ظل عدم استخدام منهجيات علمية لتحديد هذا الحد بما يتناسب مع خط الفقر وخيارات المعيشة الكريمة. ورغم ذلك، اعتبر هذه الزيادة المحدودة خطوة إيجابية باتجاه تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الاستهلاك.

وجدّد المرصد دعوته إلى ربط الحد الأدنى للأجور بمعدلات التضخم، باعتباره أداة ضرورية للحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي. فرفع الأجور يسهم في تحسين مستويات المعيشة، ويزيد من الطلب المحلي، ويدفع بعجلة النمو نحو توفير فرص عمل جديدة، ما يُعد ضرورة ملحّة في ظل معدلات البطالة المرتفعة.

كما دعا المرصد إلى معالجة الاختلالات الهيكلية في سوق العمل من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب المهني، وتهيئة بيئة عمل ملائمة وصديقة للمرأة، وإنفاذ تشريعات العمل والضمان الاجتماعي، وتوسيع تغطية الحماية الاجتماعية عبر تطوير أدوات تأمينية مرنة ومنخفضة التكلفة تُمكّن العاملين في القطاعات غير الرسمية والمهن الحرة من الحصول على حقوقهم.

وختم المرصد بيانه بالتأكيد على أن الاستمرار في تنفيذ السياسات الاقتصادية الحالية دون مراجعة نقدية أو تقييم موضوعي سيؤدي إلى تعميق التفاوتات الاجتماعية ورفع منسوب التهميش والإقصاء الاقتصادي، مما يهدد الاستقرار المجتمعي ويُضعف فرص بناء اقتصاد منتج ومستدام.