
السمنة في الأردن.. تزايد مستمر ورمضان فرصة لتحسين العادات الغذائية

مع تزايد معدلات السمنة في المجتمع، تتجدد الدعوات لاعتماد أنماط حياة صحية للحد من المخاطر الصحية المرتبطة بها، مثل الأمراض المزمنة التي تؤثر على جودة الحياة.
ويأتي اليوم العالمي للسمنة هذا العام متزامنا مع شهر رمضان، مما يشكل فرصة لاكتساب عادات غذائية متوازنة قد تسهم في فقدان الوزن بشكل منتظم للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد.
في الأردن، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 38.5% من البالغين 18 عاما فأكثر يعانون من السمنة، حيث ترتفع هذه النسبة بين النساء 44.3% مقارنة بالرجال 33%، كما تبلغ نسبة السمنة بين الأطفال والمراهقين 5-19 سنة نحو 17.8%، مع تفاوت واضح بين الذكور 22.1% والإناث 13%.
وبحسب بيانات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لعام 2019، فإن 60.1% من الأشخاص بين 18 و69 عاما يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، حيث تبلغ النسبة بين النساء 68.8%، وبين الرجال 53.1%.
وتقاس السمنة وفقا لمؤشر كتلة الجسم، وهو ناتج قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر، فإذا كان المؤشر بين 18 و25، فإن الوزن طبيعي، أما إذا تراوح بين 25 و29، فيشير إلى زيادة في الوزن، في حين أن الوصول إلى 30 أو أكثر يصنف ضمن درجات السمنة المختلفة، التي تبدأ من السمنة من الدرجة الأولى وصولا إلى السمنة المفرطة.
السمنة مرض مزمن
يؤكد مستشار جراحة الجهاز الهضمي بالمنظار وجراحة السمنة، الدكتور حمزة محمد الحلواني، في حديثه لـ "عمان نت"، أن السمنة ليست مجرد زيادة في الوزن، بل هي مرض مزمن يتطلب علاجا طويل الأمد، تماما مثل أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، مشيرا إلى أن السمنة تمثل جائحة عالمية، حيث تعد المنطقة العربية من بين أعلى المناطق في معدلات السمنة، خاصة في الأردن.
ويوضح الحلواني أن هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى زيادة الوزن، أبرزها نوعية الطعام، حيث تؤثر الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية بشكل كبير على الجسم، إلى جانب قلة ممارسة النشاط البدني، واعتماد وسائل النقل بدلا من المشي، إضافة إلى الإفراط في تناول السكريات، كما يلعب العامل الوراثي دورا رئيسيا في زيادة الوزن، إذ يختلف معدل حرق الدهون من شخص لآخر، خاصة إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من السمنة.
أما عن التأثيرات الصحية، فيشير الحلواني إلى أن السمنة لم تعد تؤثر فقط على كبار السن، بل باتت تسبب أمراضا مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الدهون في الدم لدى فئات عمرية أصغر، ففي الماضي، كان من المتوقع أن يصاب الأشخاص فوق سن الأربعين بالسكري، لكن الواقع الحالي يكشف عن حالات لمراهقين في سن 16 أو 17 عاما يعانون من ارتفاع السكر التراكمي بسبب قلة الحركة وزيادة الدهون.
كما يؤكد أن للسمنة تأثيرات نفسية وجسدية خطيرة، حيث ترفع من معدلات الاكتئاب، وتسبب مشكلات في المفاصل، وترتبط بأكثر من 200 مرض، من بينها الأورام السرطانية التي تزداد نسبتها مع ارتفاع معدلات السمنة.
وتعد الأمراض غير السارية مسؤولة عن نحو 78% من الوفيات في الأردن، مما يستدعي ضرورة مراقبة عوامل الخطر المرتبطة بها والحد من انتشارها، إذ تزيد السمنة من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات التنفس، وبعض أنواع السرطان، فضلاً عن تأثيرها المحتمل على الصحة النفسية والخصوبة لدى الجنسين.
الحميات الخاطئة تزيد الوزن
يثير الجدل حول الحميات الغذائية القاسية، وأدوية التنحيف، والإبر المستخدمة لتخفيف الوزن تساؤلات حول تأثيرها على صحة المريض على المدى البعيد.
ويؤكد الحلواني، أن التحدي الحقيقي ليس فقط في فقدان الوزن، بل في الحفاظ عليه، موضحا أن أي وسيلة تستخدم لإنقاص الوزن، سواء كانت حمية غذائية، أدوية، أو حتى جراحة، لن تكون فعالة على المدى الطويل ما لم يرافقها تغيير جذري في نمط الحياة والعادات الغذائية.
ويشير الحلواني إلى أن الإبر، على سبيل المثال، تعد خيارا علاجيا فعالا، حيث تساعد المرضى على فقدان 5 إلى 15 كيلوغراما، ولكن بمجرد التوقف عن استخدامها دون تعديل العادات الغذائية، يعود الوزن تدريجيا، مضيفا أن بعض المرضى اعتقدوا أن هذه الإبر ستلغي الحاجة إلى جراحة السمنة، لكن الواقع أثبت العكس، إذ زادت الحاجة للجراحات بسبب استعادة الوزن بعد التوقف عن العلاج.
أما جراحة السمنة، فتتميز بقدرتها على الحفاظ على الوزن لفترة أطول، حيث يصعب على المرضى العودة إلى أنماط الأكل السابقة، خاصة خلال السنوات الخمس إلى العشر الأولى بعد العملية، ومع ذلك، فإن أي وسيلة علاجية ستفشل في تحقيق نتائج مستدامة إذا لم يتغير أسلوب الحياة الغذائي بشكل جذري، بحسب الحلواني.
وفيما يتعلق بالعلاجات المتاحة، يؤكد الحلواني أن الخيارات متعددة وتعتمد على وزن المريض وحالته الصحية، فبالنسبة لمن يعانون من زيادة بسيطة في الوزن (10-15 كيلوغراما)، قد تكون الأدوية خيارا مناسبا، ولكن يجب أن تكون تحت إشراف طبيب مختص، وليس مجرد شراء أدوية أو مكملات من الصيدليات دون استشارة طبية.
أما بالنسبة لمن يعانون من زيادة وزن كبيرة، فإن بعض الخيارات مثل بالون المعدة قد لا تكون فعالة، حيث إنها تساعد على خسارة حوالي 15-20 كيلوغراما فقط، وغالبًا ما يستعيد المرضى وزنهم بعد إزالة البالون. لذلك، يحتاج المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة إلى خيارات أكثر فاعلية، مثل الجراحة.
وفيما يتعلق بالإجراءات الحكومية للحد من السمنة في الأردن، يرى الحلواني أن التركيز على تعزيز نمط الحياة الصحي لا يزال غير كاف، ويجب تكثيف الجهود في هذا المجال، مقترحا الاستفادة من تجارب دول أخرى، مثل إنشاء مسارات مشي واضحة في المدن لتشجيع النشاط البدني، إلى جانب تعزيز الوعي الصحي في المدارس والجامعات.
المجلس الاعلى للسكان يؤكد ان الهدف أن اليوم العالمي للسمنة يسلط الضوء على مخاطر السمنة وأهمية تبني أنماط حياة صحية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الثالث المتعلق بتحسين الصحة وضمان الرفاهية للجميع، والغاية الخامسة منه والتي تهدف إلى تقليل الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة الثلث بحلول عام 2030.