الجربيع: المخدرات ظاهرة اجتماعية مقلقة تهدد أمن المجتمع واستقراره وتستخدم كأداة من أعداء الوطن

الرابط المختصر

 في حلقة من برنامج "إدراك" المتخصص في التوعية بمخاطر المخدرات، قدم الدكتور محمد الجريبع، مدير مركز الثريا للدراسات وأستاذ علم الاجتماع، تحليلاً معمقاً لظاهرة المخدرات من المنظور الاجتماعي، مؤكداً أنها لم تعد مجرد مشكلة فردية بل تحولت إلى آفة تهدد تماسك المجتمع بأكمله.

 

وقال الدكتور الجريبع إن "ظاهرة المخدرات أصبحت في السنوات الأخيرة مقلقة للمجتمع وللدولة على كل المستويات: على مستوى الأفراد، الأسر، المؤسسات، والدولة بشكل كامل، بل امتدت إلى المستوى الإقليمي والدولي". وأضاف أنها "انتقلت من ظاهرة وطنية إلى تهديد لأمن واستقرار الأفراد والمجتمعات وحتى الدول".

وأوضح أن علم الاجتماع ينظر إلى المخدرات كـ"سلوك منحرف يتبناه مجموعة من الأفراد بهدف تشويه سمعة المجتمع والإضرار بالدولة"، مشيراً إلى أن تأثيرها "انتقل من الفرد إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة". وشدد على نقطة خطيرة بقوله: "اصبحت المخدرات ليست فقط آفة اجتماعية تفتك بالمجتمع، بل تهدد مستقبل العلاقات بين الدول، حيث تستخدمها منظمات إرهابية كمصدر تمويل، وبعض الدول المعادية كأداة للإساءة إلى المجتمع وتهديد استقراره". ووصفها بأنها "النافذة التي يدخل منها الأعداء إلى الوطن".

وحول أسباب الانتشار، خاصة بين الشباب، عدد الدكتور الجريبع عوامل متعددة: "الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة فرص العمل تدفع البعض للبحث عن إثراء سريع، الانفتاح الكبير بين الدول، توفر المواد المخدرة، غياب التوعية الأسرية والمجتمعية، وتغير منظومة القيم الاجتماعية والدينية". وأكد أن "أدوات الضبط الاجتماعي تغيرت تماماً، فزمان كانت الأسرة والحارة والمسجد والمدرسة، أما الآن فاختلفت". وأشار إلى أن الظاهرة "لم تعد مقتصرة على فئة أو طبقة، بل موجودة عند الأغنياء والفقراء، الذكور والإناث، في المدن والقرى والمخيمات".

 

وفيما يتعلق بدور الأسرة، قال الدكتور الجريبع: "إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا حصل خلل فيها حصل خلل في المجتمع". وأضاف: "الأسرة الأردنية لم تعد كما كانت قبل 10 سنوات، تغيرت أدوار الأب والأم، وفقدت جزءاً من التماسك الممتد بسبب التكنولوجيا والتغيرات الاجتماعية". وأكد أن "الأسرة هي حاضنة المجتمع وصانعة القيم، ومنتجها (الأبناء) يعكس حالتها".

 

وحذر من تأثير المخدرات على القيم بقوله: "المخدرات سلوك منحرف يناقض القيم الاجتماعية والدينية، ويروج لقيم سلبية مثل الغش والربح السريع والهروب من الواقع والانسحاب من المجتمع، فضربت منظومة القيم الأردنية العربية الإسلامية بأكملها".

أما عن وسائل التواصل الاجتماعي، فقال: "أصبحت محركاً للقيم، ولها علاقة تبادلية مع المخدرات؛ تستطيع محاربتها أو الترويج لها، حيث تستخدمها جماعات منظمة للترويج أو لجذب الشباب إلى سلوكيات مرتبطة بالتطرف".

 

ودعا إلى "خطاب إعلامي وطني توعوي مرتكز على القيم الدينية والاجتماعية والوطنية، يجمع الثلاثية: الدين والعرف والقانون"، مشيراً إلى ضرورة "جهود مشتركة من كل المؤسسات الرسمية والأهلية، فالظاهرة وطنية تهدد الأمن".

وأكد أهمية المراكز البحثية في توفير بيانات دقيقة لصانع القرار، ودور المجتمع في العلاج لا الإدانة فقط، محذراً من "الوصمة الاجتماعية" التي تدفع الأسر إلى الصمت.

 

وحول حملات التوعية، قال: "يجب أن تكون دائمة على مدار السنة، وليست موسمية، ومخصصة حسب الفئة المستهدفة".

واختتم الدكتور الجريع بتفاؤل حذر: "الظاهرة خطيرة ودولية، لكن مع استمرار الجهود الوقائية والأمنية وشراكة الأسر، يمكن الحد منها تدريجياً، خاصة أن الأردن دفع ثمن موقعه الإقليمي لكنه استطاع تقليل محاولات التهريب في السنوات الأخيرة".