أول شاحنة تعبر جسر الملك حسين بعد إغلاق دام 74 يومًا: تداعيات ذلك على التجارة بين الأردن وفلسطين

الرابط المختصر


بعد أربعة وسبعين يومًا من إغلاق إسرائيل المفاجئ لجسر الملك حسين أمام حركة البضائع، سُمح أخيرًا لأول شاحنة أردنية بالعبور صباح الاثنين، في خطوة مبدئية نحو استعادة شريان الحياة التجاري الحيوي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة. في الساعة 10:45 صباحًا، شوهدت شاحنة إسمنت تعبر الجسر، وهو البوابة التجارية الوحيدة التي تربط الأردن بالمناطق الفلسطينية لنقل البضائع.

ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، جاءت هذه الخطوة عقب قرار اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس الماضي بإعادة حركة البضائع عبر المعبر. وكان الجسر مغلقًا منذ 18 سبتمبر/أيلول، بعد أن أطلق سائق شاحنة أردني النار على جنود إسرائيليين بعد عبوره إلى الجانب الإسرائيلي بوقت قصير، مما أسفر عن مقتل اثنين. وقد أدى هذا الحادث إلى توقف تام لحركة البضائع، وأدى إلى اضطراب شديد في تدفق السلع الإنسانية والتجارية.

الأثر الإنساني: مساعدات غزة مُنعت منذ سبتمبر

منذ الإغلاق، لم تصل أي شاحنة مساعدات إنسانية تابعة للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية إلى غزة، رغم تزايد الاحتياجات في ظل الحرب الدائرة. وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في كلمة ألقاها أمام وزراء الخارجية الأوروبيين في برشلونة، أن الأردن قادر على إرسال 650 شاحنة مساعدات يوميًا، إذا سمحت إسرائيل لها بالمرور.

صرح الدكتور حسين شبلي، المدير التنفيذي للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، يوم الاثنين، بأن منظمته لم تتلقَّ بعد تأكيدًا من السلطات الإسرائيلية بشأن استئناف إيصال المساعدات إلى غزة. ولم تُترجم إعادة فتح المعابر أمام الشحنات التجارية إلى وصول مساعدات إنسانية بعد.

خسائر القطاع الخاص

صرح إيهاب البرغوثي، رئيس مجلس الملاحة الفلسطيني والمسؤول عن تنسيق الشحنات الواردة عبر الأردن وإسرائيل، بأن الإغلاق الذي استمر شهرين ألحق خسائر فادحة بقطاع الشحن. وأعرب عن أمله في أن تعود العمليات قريبًا إلى مستويات ما قبل 18 سبتمبر، مما يُعيد تدفقًا حيويًا للتبادل التجاري يدعم اقتصادَي البلدين.

اتجاهات التجارة: التجارة الأردنية الفلسطينية تحت الضغط

زاد الإغلاق من تعقيد عامٍ عصيبٍ بالفعل على التجارة الأردنية الفلسطينية. فقد عطّلت حرب غزة النشاط الاقتصادي الفلسطيني بشدة، وأضعفت التبادلات التجارية الثنائية. كما أدى احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية - وهو أسلوب ضغط إسرائيلي متكرر - إلى تدهور قدرة الجانب الفلسطيني على استيراد السلع.

تعكس بيانات الصادرات الأردنية هذا التراجع:

انخفضت الصادرات الأردنية إلى فلسطين من 13.279 مليون دينار أردني في ديسمبر 2024 إلى 12.603 مليون دينار أردني في يناير 2025.

تاريخيًا، يبلغ متوسط الصادرات الشهرية حوالي 4.898 مليون دينار أردني، مما يشير إلى أنه حتى في أوقات النزاع، عادةً ما يتجاوز حجم التجارة بين الجانبين المعدلات طويلة الأجل.

في السنوات الأخيرة، بلغ إجمالي حجم التجارة بين الأردن وفلسطين حوالي 400 مليون دولار أمريكي، مع استمرار المناقشات الرامية إلى تقليل الحواجز التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي. ومع ذلك، فإن النزاع في غزة والقيود المفروضة على التنقل أعاقت التقدم بشدة.

العواقب الاقتصادية على الأردن

تأثر الاقتصاد الأردني أيضًا بالصدمات:

تباطؤ النمو الاقتصادي في عام ٢٠٢٤ مرتبط بعدم الاستقرار الإقليمي.

ارتفاع معدلات البطالة، ويرتبط جزئيًا بتراجع السياحة وانخفاض القدرة الشرائية للفلسطينيين.

اضطرابات في أنظمة النقل البري والجوي، مما يزيد من تعقيد التجارة الإقليمية.

التطلع إلى المستقبل

يمثل عبور الشاحنة الوحيدة جسر الملك حسين إعادة فتح رمزية وعملية لأهم شريان تجاري في المنطقة، لكن لا تزال هناك عقبات عديدة. لا تزال الشحنات الإنسانية إلى غزة متوقفة، وخسائر القطاع الخاص لا تزال دون معالجة، والمناخ السياسي الأوسع نطاقًا لا يزال يقوض استقرار العلاقات التجارية.

إن استعادة حركة المرور المنتظمة والمتواصلة عبر الجسر أمر ضروري، ليس فقط لدعم سبل عيش الفلسطينيين، ولكن أيضًا لاستقرار الاقتصاد الأردني، المترابط ارتباطًا وثيقًا باقتصاد الضفة الغربية. ستحدد الأيام المقبلة ما إذا كانت الشاحنة الوحيدة التي عبرت يوم الاثنين تُمثل نقطة تحول حقيقية أم مجرد تخفيف مؤقت للقيود.