أخصائية تدعو إلى إنشاء سجل وطني للأطفال الذين يعانون من مشاكل السمع في الأردن

الرابط المختصر

في ظل تنامي المخاوف من انتشار مشاكل السمع بين الأطفال، دعت أخصائية السمع الدكتورة رانيا أبو الرب لإنشاء سجل وطني للأطفال الذين يعانون من ضعف السمع، بما يسهم في التشخيص المبكر والتدخل الفاعل. جاء ذلك خلال ندوة ألقتها يوم 14 أيار/مايو في نادي روتاري عمان كوزموبوليتان.

وأكدت الأخصائية أبو الرب أن غياب نظام فحص إلزامي للأطفال حديثي الولادة يُعدّ من أبرز التحديات التي تعيق رصد وعلاج ضعف السمع في المملكة، قائلة: "وضع الأردن مقلق. لا نملك حتى الآن برنامج فحص وطني يُجري اختبارات سمع لكل مولود جديد. ونتيجة لذلك، يُهمل الكثير من الأطفال، خاصة في المناطق الريفية والمحرومة، حيث البنية التحتية للرعاية الصحية محدودة، والوعي الصحي أقل من المطلوب."

وشددت على أن الكشف المبكر يُعدّ الأداة الأكثر فعالية لتفادي الإعاقات الدائمة المرتبطة بفقدان السمع غير المعالج، موضحة أن الدول المتقدمة تطبّق منذ سنوات برامج فحص شاملة لحديثي الولادة، فيما لا يزال الأردن متأخرًا في هذا المضمار. وبينت أن بعض المستشفيات الخاصة تقدم الفحوصات بناءً على الطلب، إلا أن غياب سياسة وطنية شاملة يؤدي إلى تفويت فرصة التشخيص في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي فترة حاسمة للنمو اللغوي والمعرفي والاجتماعي.

وأضافت: "نحن بحاجة إلى جعل فحوصات السمع عند الولادة وفي المدارس أولوية وطنية. هذه ليست مجرد قضية صحية، بل قضية اجتماعية وإنسانية. كل طفل يستحق أن يُمنح فرصة كاملة لتطوير إمكاناته."

ودعت أبو الرب إلى تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية والمنظمات المدنية، بما فيها أندية الروتاري، لدعم مبادرات التوعية وتوسيع نطاق الوصول إلى أجهزة السمع الحديثة. وأشارت إلى أن هذه الأجهزة أصبحت أكثر تطورًا، وأصغر حجمًا، ومتوافقة مع الهواتف الذكية، ما يجعلها أكثر قبولًا لدى الأطفال وأسرهم.

وفي حديثها عن بيئة التعليم، لفتت إلى أن الصفوف الدراسية الصاخبة والمسافة بين المعلم والطالب، بالإضافة إلى البيئة الصوتية غير الملائمة، تشكّل تحديات إضافية أمام الطلبة الذين يعانون من ضعف السمع. واقترحت حلولًا عملية، منها استخدام أنظمة FM اللاسلكية والتي تنقل صوت المعلم مباشرة إلى جهاز السمع لدى الطالب، ما يُحسّن من وضوح الصوت ويُسهم في رفع مستوى التحصيل الدراسي.

وشددت على ضرورة تدريب المعلمين وتوعيتهم باستخدام هذه التقنيات، إلى جانب اعتماد بروتوكولات فحص رسمية في وزارتي الصحة والتربية. كما نبهت إلى وجود حواجز ثقافية واجتماعية تحول دون الاعتراف بضعف السمع ومعالجته، داعية إلى حملات تثقيف مجتمعية تقلّل من الوصمة المرتبطة باستخدام المعينات السمعية.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن الدعم المبكر، إلى جانب التقدم التكنولوجي، قادر على إحداث تحول جذري في حياة الأطفال، قائلة: "مع التخطيط السليم وزيادة الوعي وتوفير الحلول التكنولوجية المناسبة، يمكن للأردن أن يتجاوز هذه التحديات ويضمن مستقبلاً أكثر شمولاً لأطفاله."

ولاقت كلمات أبو الرب صدى واسعًا بين الحضور، وسط إجماع على ضرورة التحرك العاجل لإنشاء نظام فحص وطني وتوفير بيئة تعليمية دامجة للأطفال الذين يعانون من ضعف السمع في الأردن.